الحمد لله.
أولًا :
قاعدة أهل السنة في الصفات : " إثباتُ ما أثبته الله لنفسه في كتابه ، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ من غير تحريف ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ولا تمثيل " .
وقاعدتهم في النفي : " نفيُ ما نفاه الله عن نفسه في كتابه ، أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم ، مع اعتقاد ثبوت كمال ضده لله تعالى لأن الله أعلم بنفسه من خلقه ، ورسوله أعلم الناس بربه ؛ فنفي الموت عنه يتضمن كمال حياته ، ونفي الظلم يتضمن كمال عدله ، ونفي النوم يتضمن كمال قيُّوميَّته " ، "صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة" ، علوي السقاف (23).
ثانيًا :
أسماء الله توقيفية ، وهذا مذهب جمهور أهل السنة ، فلا يجوز تسميته سبحانه بما لم يرد به السمع .
قال الشيخ "ابن عثيمين" : أسماء الله تعالى توقيفية لا مجال للعقل فيها
وعلى هذا فيجب الوقوف فيها على ما جاء به الكتاب والسنة، فلا يزاد فيها ولا ينقص، لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه تعالى من الأسماء، فوجب الوقوف في ذلك على النص، لقوله تعالى: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً وقوله: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ، ولأن تسميته تعالى بما لم يُسَمِّ به نفسه أو إنكار ما سمى به نفسه جناية في حقه تعالى، فوجب سلوك الأدب في ذلك، والاقتصار على ما جاء به النص "، انتهى ، "القواعد المثلى" (13).
ثالثًا :
من قواعد أهل السنة أن " باب الأخبار أوسع من باب الصفات ، وما يطلق عليه من الأخبار ؛ لا يجب أن يكون توقيفيًا ؛ كالقديم ، والشيء ، والموجود .. "، انتهى ، "بدائع الفوائد" (30).
قال "ابن تيمية" في "مجموع الفتاوى" (6/ 142) : "ويفرق بين دعائه والإخبار عنه ؛ فلا يدعى إلا بالأسماء الحسنى ، وأما الإخبار عنه ؛ فلا يكون باسم سيء ، لكن قد يكون باسم حسن ، أو باسم ليس بسيء ، وإن لم يحكم بحسنه ؛ مثل اسم : شيء ، وذات ، وموجود ... " ، انتهى .
و"العلاقة التي تربط باب الأسماء بباب الصفات وباب الإخبار ، أن باب الأسماء أخص من البابين الآخرين ، وبالتالي هما أوسع منه فباب الصفات أوسع من باب الأسماء ، وباب الإخبار أوسع من باب الصفات .
1- فكل ما صح اسما صح أن يدل على الصفة وصح الإخبار به.
2- وكل ما صح صفة صح خبرا ، ولكن ليس شرطا أن يصح اسما ، فقد يصح وقد لا يصح ، ولذلك كان باب الصفات أوسع من باب الأسماء.
فالله يوصف بصفات كالكلام ، والإرادة ، والاستواء ، ولا يشتق له منها أسماء ، فلا يسمى بالمتكلم ، والمريد ، والمستوي.
وفي المقابل هناك صفات ورد إطلاق الأسماء منها كالعلم ، والعلو ، والرحمة ، فمن أسمائه العليم ، والعلي ، والرحيم .
3- وما صح خبرا فليس شرطًا أن يصح اسمًا أو صفة ، فإن الله يخبر عنه بالاسم ويخبر عنه بالصفة، (ويخبر عنه بما ليس باسم ولا صفة بشرط ألا يكون معناه سيئًا) ، فالله يخبر عنه بأنه شيء ، ومذكور ، ومعلوم وغير ذلك ، ولكته لا يسمى ولا يوصف بذلك ، ولهذا كان باب الإخبار أوسع من البابين الآخرين "، انتهى ، " معتقد أهل السنة والجماعة في أسماء الله الحسنى" ، لمحمد بن خليفة بن علي التميمي ، (34) .
رابعًا :
عبارة ( اهتم الله بكذا ) يراد بها: العناية، أي اعتنى بذكره ، ونحو ذلك، ولا يراد بها حرفية المعنى اللغوي وهو: جلبَ عليه الهم.
فعلى المعنى العرفي لا حرج في التعبير بذلك، من باب الإخبار، بشرط أن يثبت أن الله اعتنى بذكر هذا الشيء، كما لو قيل: اهتم الله بذكر موسى عليه السلام وما جرى له مع بني إسرائيل.
وأما قولهم: اهتم الله بمصر، فلا يصح؛ فإن مصر لم تذكر في القرآن إلا عرضا في قصة يوسف وموسى عليهما السلام، ولم يكن بها عناية أو اهتمام.
ومن استعمال "اهتم" بالمعنى العرفي، والإخبار به عن الله تعالى، قول السيوطي في شرح سنن ابن ماجه، (8)، ح (67): "قَوْله وأقامُوا الخ لم يذكر الجمع، مَعَ أنه أيْضا فرض فَلَعَلَّ وجهه أن المُشْركين كانُوا مقرين لِلْحَجِّ ولم يَكُونُوا مقرين للصلوة والزَّكاة، فَلهَذا اهتم الله تَعالى بشأنهما، وأيْضًا الصَّلاة والزَّكاة تتكرران ولا يتَكَرَّر الحَج (إنْجاح)" انتهى.
والله أعلم.