الحمد لله.
فالنصب لغة : إقامة الشيء ورَفعِهِ ، ومنه ناصِبَةُ الشرِّ والحرب . ( مختار الصحاح 1 / 275 )
وفي القاموس : " النواصب والناصبة وأهل النصب المتدينون بِبُغض علي - رضي الله عنه - ؛ لأنهم نصبوا له ، أي عادوه " .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " النواصب ، هم الذين ينصبون العداء لآل البيت ، ويقدحون فيهم ، ويسبونهم ، فهم على النقيض من الروافض " ( شرح الواسطية 2 / 283 )
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان عقيدة أهل السنة والجماعة :" ويحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتولونهم ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ..... ويتبرءون من طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم ، ومن طريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل ويمسكون عما شجر بين الصحابة " (العقيدة الواسطية مجموع الفتاوى 3 / 154 )
فالنواصب هم الذين عادوا أهل البيت ، لاسيما عليّاً رضي الله عنه فمنهم من يسبُّه ومنهم من يفسِّقه ومنهم من يكفره ،كما أشار لذلك شيخ الإسلام (منهاج السنة7/339) .
ومن أشهر الطوائف التي تبنت منهج النصب الخوارج الذين خرجوا على عليٍّ رضي الله عنه وكفروه ، وجمعوا إلى ذلك بدعا أخرى .
ولا شك أن النصب وبغض أهل البيت أو غيرهم من الصحابة بدعة من البدع العظيمة التي تؤدي للطعن في هذا الدين الذي نقل إلينا عن طريق الصحابة من أهل البيت وغيرهم .
أما تكفيرهم فهذا يختلف باختلاف نوع بغضهم للصحابة وبواعثه ، وخلاصة القول فيه أنه إن كان بغضهم لأمر دنيوي فلا يوقع في الكفر والنفاق ، وإن كان لأمر ديني باعتبار كونهم أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فهذا كفر ، وما تردد بين ذلك فهو محل خلاف في الجملة ، وراجع في تفصيل ذلك الأدلة والنقول الموجودة في السؤال ( 45563 ) .
أما حكم الخوارج ـ وهم ممن تبنى منهج الرفض ، وجمعوا إليه تكفير الصحابة وتكفير صاحب الكبيرة وغير ذلك من البدع ـ ، ففيه خلاف بين العلماء ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " فإن الأمة متفقون على ذم الخوارج وتضليلهم وإنما تنازعوا في تكفيرهم على قولين مشهورين في مذهب مالك وأحمد ، وفى مذهب الشافعي أيضا نزاع في كفرهم ، ولهذا كان فيهم وجهان في مذهب أحمد وغيره على الطريقة الأولى
أحدهما : أنهم بغاة ، والثاني : أنهم كفار كالمرتدين يجوز قتلهم ابتداء وقتل أسيرهم وإتباع مدبرهم ، ومن قدر عليه منهم استتيب كالمرتد فإن تاب وإلا قتل "
( مجموع الفتاوى 28 / 518 )
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : " وأما تكفيرهم وتخليدهم ففيه أيضا للعلماء قولان مشهوران وهم روايتان عن أحمد ، والقولان في الخوارج والمارقين من الحرورية والرافضة ونحوهم ، والصحيح أن هذه الأقوال التي يقولونها التي يعلم أنها مخالفة لما جاء به الرسول كفر ، وكذلك أفعالهم التي هي من جنس أفعال الكفار بالمسلمين هي كفر أيضا ، وقد ذكرت دلائل ذلك في غير هذا الموضع . لكن تكفير الواحد المعين منهم والحكم بتخليده في النار موقوف على ثبوت شروط التكفير وانتفاء موانعه ، فإنا نطلق القول بنصوص الوعد والوعيد والتكفير والتفسيق ولا نحكم للمعين بدخوله في ذلك العام حتى يقوم فيه المقتضى الذي لا معارض له وقد بسطت هذه القاعدة في ( قاعدة التكفير)" ( مجموع الفتاوى 28/500 ) ، والله أعلم .
وينبغي أن تعلم أخي السائل أن الروافض الذين يغلون في حق علي رضي الله عنه وآل البيت ويسبون الصحابة ويكفرونهم ، كثيرا ما يستخدمون في كتبهم التهمة بمنهج النصب في حق من خالفهم في باطلهم ويعنون بالناصبة أهل السنة والجماعة وذلك للتنفير منهم لمخالفتهم لهم في منهجهم الباطل ولموافقتهم لمنهج الحق . قال شيخ الإسلام ابن تيمية ( وأما أهل السنة فيتولون جميع المؤمنين ويتكلمون بعلم وعدل ليسو من أهل الجهل ولا من أهل الأهواء ويتبرءون من طريقة الروافض والنواصب جميعا ويتولون السابقين والأولين كلهم ويعرفون قدر الصحابة وفضلهم ومناقبهم ويرعون حقوق أهل البيت التي شرعها الله ... ويعلمون مع هذا مراتب السابقين الأولين فيعلمون أن لأبي بكر وعمر من التقدم والفضائل ما لم يشاركهما فيها أحد من الصحابة ... ) منهاج السنة2/71 .
وبناءً على هذا فلا بد من معرفة من يطلق هذا الوصف ومن الذين يعنيهم به حتى لا يقع المرء في رد الحق بسبب وصم المبطلين لأهل الحق بما ليس فيهم ؛ إذ من سمات أهل البدعة الوقيعة في أهل السنة ولمزهم بالأوصاف المنفرة . والعبرة بما وافق الكتاب والسنة ومنهج سلف الأمة مهما حاول أهل الباطل تشويهه .
ومن الكتب التي تكلمت عن النواصب وردت عليهم وعلى مقابليهم في البدعة الروافض كتاب منهاج السنة لشيخ الإسلام ابن تيمية فيمكنك مراجعته أو مراجعة بعض مختصراته .
نسأل الله أن يلهمنا وإياك اتباع كتابه وسنة نبيه صلَّى الله عليه وسلَّم وأن يجيرنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن .