هل العبارة اللهُ عز وجل عِلمه علمُ كَشفٍ لا عِلم جبر ـ من الإجبار يعني ـ صحيحة، أم إنها لا تجوز في حق الله تعالى؟
الحمد لله.
الله تعالى يعلم ما كان وما يكون، ولا يقع شيء إلا وفق علمه السابق، وقد كتب الله ما يكون في كتاب، كما قال: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ الحج/70، وقال: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ الأنعام/59.
ومن ذلك علمه بأفعال عباده، وهو علم لا يقتضي إجبارهم على شيء، بل يفعلون باختيارهم ومشيئتهم، ولهذا يُجازَون على أعمالهم، كما قال تعالى: وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا الكهف/29-30.
وقال تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ الزلزلة/7-8.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " والله يعلم ما كان قبل أن يكون؛ وقد كتب ذلك؛ فهو يعلم أن هذا يموت بالبطن أو ذات الجنب أو الهدم أو الغرق أو غير ذلك من الأسباب، وهذا يموت مقتولا: إما بالسم وإما بالسيف وإما بالحجر وإما بغير ذلك من أسباب القتل.
وعلم الله بذلك، وكتابته له، بل مشيئته لكل شيء، وخلقه لكل شيء: لا يمنع المدح والذم والثواب والعقاب؛ بل القاتل: إن قتل قتيلا أمر الله به ورسوله، كالمجاهد في سبيل الله: أثابه الله على ذلك، وإن قتل قتيلا حرمه الله ورسوله، كقتل القطاع والمعتدين: عاقبه الله على ذلك، وإن قتل قتيلا مباحا - كقتيل المقتص - لم يثب ولم يعاقب، إلا أن يكون له نية حسنة أو سيئة في أحدهما" انتهى من "مجموع الفتاوى" (8/516).
والمقصود: أن كون الشيء معلوما لله تعالى، مكتوبا عنده، لا يعني أن الإنسان مجبور على فعله، بل إن فعل فباختياره ومشيئته ولذلك يثاب ويعاقب.
فالقول بأن علم الله علم كشف لا علم جبر، معناه صحيح، فهو علم كاشفٌ لا مجبر.
وينظر للفائدة حول العلم الإلهي والجبر، جواب السؤال رقم: (295288)، ورقم: (247404).
والله أعلم