الحمد لله.
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في "المسند" (45/246)، وابن حبان "الإحسان" (11/515)، وسعيد بن منصور في "السنن" (1/136)، والحاكم في "المستدرك" (2/188)، وغيرهم من طرق، كلها: عن مُسْلِم بْن خَالِدٍ الزنجي، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ - وعند ابن حبان عن أم سلمة - قَالَتْ: " لَمَّا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَ لَهَا: (إِنِّي قَدْ أَهْدَيْتُ إِلَى النَّجَاشِيِّ حُلَّةً وَأَوَاقِيَّ مِنْ مِسْكٍ، وَلَا أَرَى النَّجَاشِيَّ إِلَّا قَدْ مَاتَ، وَلَا أَرَى إِلَّا هَدِيَّتِي مَرْدُودَةً عَلَيَّ، فَإِنْ رُدَّتْ عَلَيَّ فَهِيَ لَكِ).
قَالَ: وكَانَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرُدَّتْ عَلَيْهِ هَدِيَّتُهُ، فَأَعْطَى كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ أُوقِيَّةَ مِسْكٍ، وَأَعْطَى أُمَّ سَلَمَةَ بَقِيَّةَ الْمِسْكِ وَالْحُلَّةَ".
وقال الحاكم عقبه: " هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ " انتهى.
وحسّنه الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى، حيث قال:
" رواه أحمد والطبراني عن أم كلثوم بنت أبي سلمة وهي بنت أم سلمة... وإسناده حسن " انتهى من "فتح الباري" (5/222).
لكن خالف في ذلك بعض العلماء، فحكموا على هذا الحديث بالضعف؛ لأن مسلم بن خالد قد تفرد برواية هذا الخبر، وهو موصوف بكثرة الأوهام، كما نص الحافظ نفسه في "التقريب" (ص 529)، حيث قال:
" مسلم بن خالد المخزومي مولاهم، المكي، المعروف بالزنجي: فقيه، صدوق كثير الأوهام " انتهى من
ولهذا تعقب الذهبي الحاكم بقوله: " منكر، ومسلم الزنجي ضعيف " انتهى.
كما أن أم موسى بن عقبة مجهولة لا يعرف حالها.
قال الهيثمي رحمه الله تعالى:
" رواه أحمد، والطبراني، وفيه مسلم بن خالد الزنجي؛ وثقه ابن معين، وغيره، وضعفه جماعة، وأم موسى بن عقبة [لم] أعرفها، وبقية رجاله رجال الصحيح " انتهى من "مجمع الزوائد" (4/148). وانظر كلامه عن أم موسى هذه أيضا (8/289).
فالحاصل أن إسناد هذا الخبر ضعيف لا يصح، بسبب تفرد مسلم بن خالد به، وتفرّده لا يحتمل لما فيه من ضعف.
وكذا لجهالة حال أم موسى بن عقبة.
وضعّفه محققو المسند، والشيخ الألباني في "إرواء الغليل" (6/ 62).
والله أعلم.