أنا كنت مدمن مخدرات سابقاً، وفعلت جميع أنواع الذنوب؛ من عدم الصلاة، وما إلى ذلك، وأنا حالياً في فترة تعافي، وفترة توبة إلى الله تعالى، لكن يشق علي أن أتمم ديني، وأركز على التعافي من الإدمان في نفس الوقت، للعلم أني أخذ أدوية نفسية، لكني أحاول وأجاهد نفسي أن اصلي مادمت غير نائم، لكن إذا نمت عن الصلاة لا أصليها لكي لا أحمل نفسي ما لاطاقة لي به، ولكن أنا مدرك لهذه المعصية، لكني اتدرج في الطاعة رويداً رويداً؛ لكي لا أنحرف، وأعود لما كنت عليه، لكن الحمدلله الآن أنا أصلي مادمت أسمع الآذان، رغم أني لست أصلي دائماً في المسجد، لكني ولله أجاهد نفسي لعبادة الله، وفي نفس الوقت مدرك لتقصيري، وم افعلت هذا الفعل إلا إني حاولت التوبة عدة مرات سابقاً، لكني أتوب وأفعل كل شيء مرة واحدة، ويشق علي، وأرجع لما كنت عليه، لكن هذه المرة بدأت أتدرج يعني أولاً بدأت أصلي إذا كنت غير نائم، وأحرص أن أصليها بالمسجد، ونيتي أني إذا أتممت هذا الفعل وتعودت عليه أبدأ بالفعل الثاني، وهكذا. سؤالي: هل يجوز التدرج بالدين إذا كان يشق علي أن أفعل ما أمرني الدين مرة واحدة، وفجأه جميعاً؟ وهل يجوز إذا صليت بالبيت، للعلم أنني مريض، وأصلي الفجر جماعة دائماً، لكن تشق علي صلاة الظهر؟ وهل يجوز إذا ما صمت لأنني يجب أن أخذ علاجي أو يشق علي الصيام وهكذا؟ ما هو تكليفي كشخص مدمن في فترة تعافي، وشخص كان لا يصلي، وبدأ يتدرج بالدين؛ لكي لا يحمل نفسه ما لاطاقة له به؟
الحمد لله.
أولا:
نحمد الله تعالى أن هداك ووفقك للتوبة، ونسأله أن يعينك ويتم عافيتك.
ثانيا:
يلزمك فعل ما تقدر عليه من الواجبات، وتعذر، إن شاء الله، فيما لا تستطيعه أو يشق عليك مشقة ظاهرة؛ تكون فوق ما تحتمله، بحسب حالك.
وصلاتك في المسجد أمر مطلوب شرعا، وهو جزء من علاجك أيضا؛ لما في مخالطة الناس وأهل الخير من أثر نافع إن شاء الله.
وإذا نمت عن الظهر، أو شق عليك الخروج لها: فصلها في بيتك، أو إذا استيقظت؛ لما روى مسلم (684) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا.
ثالثا:
الصوم فريضة محكمة لا يجوز تركها إلا لعذر، فإن كنت تتضرر بتأخير الدواء إلى بعد الإفطار، فهذا عذر يبيح لك الفطر؛ لقوله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ البقرة/183- 184.
وإن كنت لا تتضرر بتأخير الدواء إلى بعد الإفطار، وجب عليك الصوم.
فإن كان يحصل لك مشقة أثناء النهار، مع كونك صحيح البدن، أي لا تشعر بأعراض مرض ولو كصداع مثلا، وجب أن تنوي الصوم من الليل، فإن حصلت مشقة ظاهرة وخشيت على نفسك من شدة العطش ضررا: شربت، ثم أمسكت بقية اليوم، ثم قضيته.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (10/ 233): " لا يجوز للمكلف أن يفطر في نهار رمضان لمجرد كونه عاملا.
لكن إن لحق به مشقة عظيمة اضطرته إلى الإفطار في أثناء النهار: فإنه يفطر بما يدفع المشقة، ثم يمسك إلى الغروب، ويفطر مع الناس، ويقضي ذلك اليوم الذي أفطره" انتهى.
وأما إن كنت تعاني من مرض، كالصداع الشديد، فهذا يبيح الفطر.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " والمريض له أحوال:
الأول: ألا يتأثر بالصوم، مثل الزكام اليسير، أو الصداع اليسير، أو وجع الضرس، وما أشبه ذلك: فهذا لا يحل له أن يفطر، وإن كان بعض العلماء يقول: يحل له لعموم الآية وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا [البقرة: 185].
ولكننا نقول: إن هذا الحكم معلل بعلة، وهي أن يكون الفطر أرفق به، فحينئذ نقول له الفطر.
أما إذا كان لا يتأثر: فإنه لا يجوز له الفطر، ويجب عليه الصوم.
الحال الثانية: إذا كان يشق عليه الصوم ولا يضره، فهذا يكره له أن يصوم، ويسن له أن يفطر.
الحال الثالثة: إذا كان يشق عليه الصوم ويضره، كرجل مصاب بمرض الكلى أو مرض السكر، وما أشبه ذلك، فالصوم عليه حرام" انتهى من "الشرح الممتع" (6/341).
ونوصيك بكثرة الدعاء، والإلحاح على الله تعالى: أن يتوب عليك وأن يعافيك، واحرص على الدعاء في أوقات الإجابة.
ونسأل الله أن يشرح صدرك، وييسر أمرك، ويتقبل توبتك.
والله أعلم.