الحمد لله.
1. إذا ارتضع الطفل أو الطفلة من امرأةٍ خمس رضعات في الحولين قبل الفطام : صار ولدها من الرضاعة باتفاق الأئمة ، في التحريم والحرمة ، وصار الرجل الذي درَّ هذا اللبن بوطئه أباً لهذا المرتضع من الرضاعة باتفاق الأئمَّة المشهورين ، وهذا يسمى " لبن الفحل " ، وقد ثبت ذلك بسنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
2. وإذا صار الرجل والمرأة والدي المرتضع صار كلٌّ من أولادهما إخوة المرضع ، سواء كانوا من الأب فقط ، أو من المرأة ، أو منهما ، أو كانوا أولاداً لهما من الرضاعة ؛ فإنهم يصيرون إخوة لهذا المرتضع من الرضاعة ، حتى لو كان لرجل امرأتان فأرضعت هذه طفلا وهذه طفلة كانا أخوين ولم يجز لأحدهما التزوج بالآخر باتفاق الأئمة الأربعة وجمهور علماء المسلمين ، وهذه المسألة سئل عنها ابن عباس فقال : " اللقاح واحد " يعنى : الرجل الذي وطىء المرأتين حتى درَّ اللبن واحد .
3. ولا فرق باتفاق المسلمين بين أولاد المرأة الذين رضعوا مع الطفل وبين من ولد لها قبل الرضاعة وبعد الرضاعة باتفاق المسلمين .
انظر : " مجموع الفتاوى " ( 34 / 31 ، 32 ) .
4. ولا علاقة بين أولاد المرأة وبناتها بالنسب أو بالرضاعة بزوجها الثاني من حيث الأبوة في الرضاعة ، فاللبن هو لبن زوجها الأول وهو والدهم جميعاً ، إلا أن زوجها الثاني هو زوج أمهم ، وبزواجه منها تحرم عليه بناتها بالنسب لأنهن ربائب له وهو قد دخل بأمهن فأصبحن محرمات عليه ، لقوله تعالى : ( وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ ) النساء/23 ، أما علاقة بنات المرأة من الرضاعة بزوج هذه المرأة الأخر غير صاحب اللبن ، هل هن محرّمات عليه لكونه زوجاً لأمهنّ من الرضاعة أو لسن محرمات عليه ، فهذا محل خلاف معتبر بين العلماء .
فالجمهور يرون أن بنات المرأة من الرضاع محرمات على زوجها الثاني لأنه زوج أمهن .
ورجّح شيخ الإسلام ابن تيمية وتابعه الشيخ ابن عثيمين أنهنّ لا يحرمن عليه .
لأن الحديث : " يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب " البخاري 2645 وتحريم هؤلاء البنات على زوج من أرضعتهن الذي اعتبره الجمهور ليس تحريماً من جهة النسب وإنما من جهة المصاهرة فلا يدخل في الحديث .
وعلى هذا القول فإنه يجب على من أرضعتهن هذه المرأة أن يحتجبن من زوجها الثاني لأنه ليس محرماً لهن .
قال الشيخ العثيمين رحمه الله ( ولو ذهب ذاهب إلى حالة وسط في هذه المسألة فقال بقول الجمهور في أنه لا يحل له نكاحها ، وإلى قول شيخ الإسلام ابن تيمية بأنها ليست من محارمه وعمل بالاحتياط لكان هذا له وجه لأن الاحتياط على هذا الوجه جاءت به السنة وهو أَنَّ َسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ تنازع هو وعَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ فِي عبد لزَمْعَةَ فَقَالَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ هذا ابن أَخِي عتبة بن أبي وقاص عهد به إليَّ فهو ابنه وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ هذا أَخِي وَابْنُ أَمَةِ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِي فَرَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَهًا بَيِّنًا بِعُتْبَةَ فَقَالَ هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ ثم قال لسودة بنت زمعة وهي إحدى أمهات المؤمنين : َاحْتَجِبِي عنْهُ يَا سَوْدَةُ ) البخاري 2053 ومسلم 1457 ، مع أنه قضى بأنه أخ لها وقال احتجبي منه لأنه رأى شبها بينا بعتبة . فهذا حكم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بحكم مبني على الاحتياط . فأمر بالاحتجاب من أجل الشبهة وقضى بأنه أخوها لأنه وُلد على فراش أبيها) دروس الحرم المكي ج3ص245.
والله تعالى أعلم .
وللمزيد : انظر جواب السؤال : ( 40226 ) .