أريد أن أعرف صحة حديث (علموا نسائكم سورة النور)، وهل صحيح أن الشيخ الألباني ضعف هذا الحديث؟ أرجو أن توضح أي روايات أخرى للحديث، وفيما إذا كانت صحيحة أم ضعيفة؟
الحمد لله.
روى الطبراني في "المعجم الأوسط" (6/34)، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ: حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الشَّامِيُّ.
والحاكم في "المستدرك" (2/396)، قال: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الضَّحَّاكِ.
كلاهما - مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الشَّامِيُّ، وعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الضَّحَّاكِ - قالا: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ هِشَامَ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تُنْزِلُوهُنَّ الْغُرَفَ، وَلَا تُعَلِّمُوهُنَّ الْكِتَابَةَ، وَعَلِّمُوهُنَّ الْمِغْزَلَ، وَسُورَةَ النُّورِ .
وهذا إسناد ضعيف جدا؛ لأن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيمَ الشَّامِيُّ، وعَبْد الْوَهَّابِ بْن الضَّحَّاكِ، كلاهما متهم بالكذب متروك الحديث.
قال الهيثمي رحمه الله تعالى:
" عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( لَا تُنْزِلُوهُنَّ الْغُرَفَ، وَلَا تُعَلِّمُوهُنَّ الْكِتَابَةَ، وَعَلِّمُوهُنَّ الْغَزْلَ وَسُورَةَ النُّورِ ):
رواه الطّبرانيّ في الأوسط، وفيه مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الشَّامِيُّ، قال الدّارقطنيّ: كذّاب " انتهى من "مجمع الزوائد" (4/93).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
" الحاكم في التفسير: حدثنا أبو علي الحافظ، حدثنا محمد بن محمد بن سليمان، حدثنا عبد الوهاب بن الضحاك، حدثنا شعيب بن إسحاق، عنه بهذا. وقال: صحيح الإسناد.
قلت: بل عبد الوهاب متروك، وقد تابعه محمد بن إبراهيم السامي، عن شعيب بن إسحاق. وابن إبراهيم رماه ابن حبان بالوضع" انتهى من "اتحاف المهرة" (17/344).
وقال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى عن هذا الحديث:
" موضوع، محمد بن إبراهيم هذا؛ قال الدارقطني: " كذاب "…
قلت: وقد تابعه من هو مثله، وهو عبد الوهاب بن الضحاك، ولعل أحدهما سرقه من الآخر…
ثم رأيت في ترجمته من "الميزان" أن ابن حبان قال فيه: " كان محمد يسرق الحديث ".
فيترجح أنه هو الذي سرقه من الكذاب الأول…" انتهى من "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (5/ 30 - 31).
وروى سعيد بن منصور في "السنن – التفسير" (6/459)، قال: حدَّثنا عَتَّابُ بنُ بَشيرٍ، عن خُصَيفٍ، عن مُجاهدٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: عَلِّمُوا رِجَالَكُمْ سُورَةَ المَائِدَةِ، وعَلِّمُوا نِسَاءَكُمْ سُورَةَ النُّورِ.
وهذا سند ضعيف، فهو مع ارساله، فيه عَتَّاب بن بَشِير، وقد ضعفت أحاديثه عن خصيف.
قال الذهبي رحمه الله تعالى: " عتاب بن بشير الجزري، عن خصيف، قال أحمد: أحاديثه عن خصيف منكرة. وقال ابن معين: ثقة. وقال أيضا: ضعيف " انتهى. "المغني في الضعفاء" (2/ 422).
وقال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى: " ضعيف... وذلك لإرساله، لكن قال المناوي: " ظاهر صنيع المصنف أنه لا علة فيه غير الإرسال، والأمر بخلافه؛ ففيه عتاب بن بشير، أورده الذهبي في "الضعفاء" وقال: مختلف في توثيقه. وخصيف ضعفه أحمد وغيره.
قلت: وفي "التقريب": " خصيف صدوق سيئ الحفظ، خلَّط بآخره، وعتاب بن بشير صدوق يخطئ".
فهو خير من الذي قبله؛ فالحمل عليه فيه أولى، مع ملاحظة علة الإرسال " انتهى من "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (8/336).
فالحاصل؛ أن هذا الحديث لا يصح مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد روي الأمر بتعليم النساء سورة النور، من كلام عمر رضي الله عنه.
كما روى سعيد بن منصور في "السنن – التفسير" (5/231)، بإسناد رواته ثقات، قال: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ وَفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُصَيْن بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ الهَمْدَاني، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: "تعلَّموا سُورَةَ بَرَاءَةَ، وعلِّموا نِسَاءَكُمْ سُورَةَ النُّورِ، وحَلُّوهن الفضة".
والله أعلم.