عندي زوجة وابنان وأم وأخت وجدة ( أم أمي ). ولقد ربّانا جدُّنا ( أبو أمي وقد مات ) وكان هو العائل لنا منذ انفصالنا عن أبينا من 23 عامًا. ولم يتصل أبي بنا أبدًا خلال هذه المدة الطويلة . ولم يتول أبي الإنفاق علينا منذ هذا الانفصال . أملك بيتـًا كانت أمي قد أهدتني جزءًا منه واستثمرت أنا مالي في جزء منه. والبيت الآن باسمي أنا ، ويشكّل 80 % من ثروتي . وبقية ثروتي المتواضعة عبارة عن أموال نقدية وأسهم. فكيف إذن ينبغي لي كتابة وصيتي الأخيرة في حدود الشريعة الإسلامية ؟.
الحمد لله.
أولا : لا تجب كتابة الوصية المتعلقة بتقسيم تركة شخص ما في حياته ؛ لأن من شروط الإرث تحققَ موت المورث ، فإذا تحقق موته وجب تقسيم تركته بالقسمة الشرعية بين ورثته الأحياء ، وذلك لأن نصيبَ كل وارث محدد ومفروضٌ في الشريعة لقوله تعالى ( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً ) النساء/7
والأفضل أن يترك التقسيم المبكر للتركة إلا إذا خشي المورث الفساد والجدال بين الورثة أو عدم تطبيق الحكم الشرعي في تقسيم تركته لكونه في بلاد تطبق القانون الوضعي لا الشرعي ، فحينئذ يمكنه كتابة ذلك مسبقا .
ثانيا : لو قُدِّر أن ممتلكاتك سوف ينحصر توزيعها على المذكورين في السؤال فقط وهم الابنان والزوجة والأم وأم الأم والأخت والأب ( ذكرت أن أباك حي فهو وإن انفصل عنكم ولم يؤد ما يجب عليه تجاهكم من إنفاق وغيره لكنه يرث منكم وترثونه ) ، فسوف يكون تقسيم التركة عليهم بما يلي :
الزوجة لها الثمن ، ولكل واحد من الأب والأم السُّدُس ، والابنان يأخذان الباقي من التركة بالسوية . ولا يجوز لك أن توصي لأحد هؤلاء شيئا زائدا عن نصيبه المفروض لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث ) . رواه الترمذي ( 2046 ) وصححه الألباني .
أما الأخت فهي محجوبة بالابنين والأب فلا ترث بوجودهم . وأما الجدة من جهة الأم فهي محجوبة بالأم ، فلا ترث .
ويجوز لك أن توصي لهما ( الأخت والجدة ) ببعض التركة الذي لا يتجاوز الثلث .
ثالثا : ذكرت في السؤال أن أمك أهدت لك جزءا من البيت ولم تذكر أنها أعطت أختك شيئا منها ، فإن لم تكن أعطيتها شيئا فقد مالت عن العدل في العطية والهبة بين الأولاد ، ولا يجوز للشخص أن يَهَبَ لبعض أولاده ويترك بعضهم ، أو يُفَضِّل بعضهم على بعض في الهبة ، بل يجب العدل بينهم ، لحديث النعمان بن بشير : أنّ أباه أتى به النبي صلى الله عليه وسلم ، لمَّا نَحَلَهُ نِحْلَةً ( أي : أعطاه هدية ) لِيَشْهَدَ عليها النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أَكُلُّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مثل هذا ؟ فقال : لا . فقال : أرْجِعْه . ثم قال : اتقوا الله واعدلوا في أولادكم ) رواه البخاري (2398) .
والعدل بين الأولاد يكون بأن يعطي الابن مثل حظ البنتين ، لأن هذه قسمة الله تعالى في الميراث ، ولا أعدل من قسمة الله .
وعلى هذا فإما أن تعطي أختك ثلث ما أخذته من والدتك ، أو تعيد الهدية لوالدتك . إلا إذا تنازلت الأخت عن حقها فلا بأس .
والله تعالى أعلم .