زوجي لم يخرج زكاة الغنم منذ سنين؛ لجهله بوجود زكاة لتجارة الغنم، قبل ٨ سنوات تقريبا بدأ زوجي بشراء مجموعة أغنام؛ بهدف بيعها، وأيضا الأكل منها، كان يبيع منها القليل، وليس كثيرا، وكانت في البداية أعدادها قليلة، فكان يبيع منها، ويأكل منها، وأيضا يبيع منها ليشتري طعامها وشرابها وعلاجها، ولازال كذلك، الآن وبعد ٨ سنوات أصبح عدد غنمه تقريبا ٧٠ شاة. سؤالي : كيف أحسب مقدار الزكاة للسنوات الثمانية الماضية، أنا حائرة، لا أعلم كيف أقدر عددها في كل سنة؟ وكم أخرج زكاتها؟
الحمد لله.
أولا:
تجب الزكاة في سائمة الغنم، وهي التي ترعى الكلأ المباح، إذا بلغت نصابا وهو أربعون من الغنم؛ لما روى البخاري (1454) عن أَنَس: " أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ لَمَّا وَجَّهَهُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَالَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ فَمَنْ سُئِلَهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلا يُعْطِ. . . وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ. . ." الحديث.
والسائمة هي التي ترعى الكلأ المباح جميع الحول أو أكثره.
والمباح: أي غير المملوك.
وأما المعلوفة التي يعلفها صاحبها، فلا تجب فيها الزكاة إلا إذا كانت للتجارة.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (2/ 430) :" وفي ذكر السائمة احتراز من المعلوفة والعوامل؛ فإنه لا زكاة فيها عند أكثر أهل العلم... إلا أن يُعدّها للتجارة، فيكون فيها زكاة التجارة " انتهى .
ثانيا:
إذا اشترى زوجك غنما بنية التجارة، لزمه إذا حال الحول وبلغت نصابا، أن يزكيها زكاة التجارة بإخراج ربع العشر (2.5%) من قيمتها، سواء كانت الغنم سائمة أو معلوفة.
قال في "شرح المنتهى" (1/ 436): " (ومن ملك نصاب سائمة لتجارة) فعليه زكاة تجارة فقط، ولو سبق حول السوم حولها؛ لأن وصفها يزيل سبب السوم وهو الاقتناء لطلب النماء" انتهى.
والنصاب ما يساوي 595 جراما من الفضة.
والحول: هو مرور سنة قمرية، ويبدأ من تملك المال الذي اشترى به الغنم، إذا كان يساوي نصابا، وإلا فمن حيث بلغت قيمة الغنم نصابا.
فحول التجارة هو حول ما اشتُريت به من النقود.
قال في "زاد المستقنع" ص 87: " وإن اشترى عرْضا بنصاب من أثمان أو عروض، بني على حوله" انتهى.
ثالثا:
الزكاة فريضة محكمة، وقد أخطأ زوجك في عدم إخراجها كل سنة، والواجب عليه التوبة، وإخراجها عما مضى من السنين.
فينظر أولا متى بدأ الحول، ثم ينظر في نهايته كم كان لديه من الغنم، فيقومها بسعر ذلك الوقت، ويخرج زكاته، ثم ينظر في العام التالي كذلك، وهكذا في بقية السنين، ويعمل بالاحتياط لتبرأ ذمته بيقين.
وينظر: جواب السؤال رقم: (337528).
رابعا:
الزكاة واجبة على زوجك، ويجوز لك إخراجها عنه، بعد إعلامه بذلك وموافقته ؛ إذْ يشترط نيته للزكاة عند إخراجها، ولا تصح بدون علمه أو إذنه ذلك؛ لقوله تعالى: وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ ، وقوله عليه الصلاة والسلام: إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى رواه البخاري (1)، ومسلم (1907).
قال النووي رحمه الله: "لا يصح أداء الزكاة إلا بالنية، وبهذا قال مالك وأبو حنيفة والثوري وأحمد وأبو ثور وداود وجماهير العلماء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى)، وشذ عنهم الأوزاعي فقال: لا تجب، ويصح أداؤها بلا نية كأداء الديون" انتهى من "المجموع" (6/ 158).
وقال ابن قدامة في "المغني" (2/ 476): "مذهب عامة الفقهاء: أن النية شرط في أداء الزكاة، إلا ما حكي عن الأوزاعي أنه قال: لا تجب لها النية ...
فإذا ثبت هذا؛ فإن النية أن يعتقد أنها زكاته، أو زكاة من يخرج عنه، كالصبي والمجنون، ومحلها القلب؛ لأن محل الاعتقادات كلها القلب" انتهى.
والحاصل:
أنه يلزم زكاة السنوات الماضية مع التوبة، وتلزم النية عند إخراج الزكاة، فلا تصح دون علم زوجك.
والله أعلم.