الحمد لله.
ما التبس عليكم فيما يلزمكم إخراجه من الأقساط المستحقة لكم عند العملاء، فالواجب إخراج مبلغ كل شيكات الأقساط سواء المستحقة خلال حول الزكاة أو المستحقة بعد الحول.
فتحسب كل الأموال المستحقة لكم بالأقساط، وتخرج زكاتها إما مباشرة، أو تقيدها وتخرجها عند استلامها، فكل قسط تستلمه تخرج ما عليه من الزكاة، سواء زكاة سنة أو سنتين أو ثلاث، حسب ما استقر عليه من زكاة.
وهذا في الأقساط المرجو سدادها.
أما الأقساط غير المرجوة إما على معسرين أو مماطلين أو غائبين يتعذر الوصول إليهم، فهذه لا تحسب فيها الزكاة، فإذا استلمتها زكيتها لسنة واحدة.
جاء في " الموسوعة الفقهية: " الدَّين الحالُّ المرجو الأداء : هو ما كان على مقرٍّ به ، باذلٍ له ، وفيه أقوال : فمذهب الحنفية ، والحنابلة ، وهو قول الثوري : أن زكاته تجب على صاحبه كلَّ عام ؛ لأنه مال مملوك له ، إلا أنه لا يجب عليه إخراج الزكاة منه ما لم يقبضه ، فإذا قبضه زكاه لكل ما مضى من السنين، ووجه هذا القول : أنه ديْن ثابت في الذمة ، فلم يلزمه الإخراج قبل قبضه ؛ ولأنه لا ينتفع به في الحال ، وليس من المواساة أن يخرج زكاة مال لا ينتفع به" انتهى من "الموسوعة الفقهية الكويتية" (23/238).
وقد سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : أعمل في بيع السيارات بالتقسيط ، فمثلاً أبيع سيارة بخمسين ألف ريال ، كل شهر ألف وخمسمائة ريال حتى نهاية ثمنها ، فكيف أزكي ثمن السيارة ؟ وهل أزكي الأقساط التي ترد إلي إذا حال عليها الحول، أم أقوم بزكاة ثمن السيارة قبل حلول أقساطها ؟ حيث إنني لا أملك ثمن السيارة المباعة ، وإنما يأتي إلي على أقساط شهرية ؟ هل الدين الذي لي على شخص إلى وقت معلوم فيه زكاة ؟
فأجاب : " إذا جاء حول الزكاة: فأحص ما عندك من النقود، وأموال التجارة، والديون التي عند الناس؛ وزكها كلها .
مثال ذلك : أن يكون عندك مئة ألف ريال نقد ، وأموال تجارة تساوي مئة ألف ، ولك ديون على الناس تبلغ مئة ألف ، فهذه ثلاثمائة ألف، فعليك زكاتها كلها .
لكن الديون إن شئت زكيتها كل سنة مع مالك ، وإن شئت أخرت زكاتها حتى تقبضها ، ثم تزكيها لما مضى من السنوات .
إلا إذا كان الدين على معسر لا يستطيع الوفاء: فإنك تزكيه سنة واحدة، هي سنة قبضه، ولو كان بعد سنوات كثيرة " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/224).
ثانيا:
المصروفات التي ستصرف بعد وقت إخراج الزكاة لتقديم الخدمات لا تحسم من وعاء الزكاة؛ لأنها لا تزال في ملك الشركة وقت الوجوب.
قال النووي رحمه الله : " الدين هل يمنع وجوب الزكاة ؟ فيه ثلاثة أقوال ، أصحها عند الأصحاب، وهو نص الشافعي رضي الله عنه في معظم كتبه الجديدة : تجب ...
فالحاصل أن المذهب وجوب الزكاة، سواء كان المال باطنا أو ظاهرا، أم من جنس الدين أم غيره. قال أصحابنا : سواء دين الآدمي ودين الله عز وجل، كالزكاة السابقة، والكفارة والنذر وغيرها " انتهى من "المجموع" (5/317)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " والذي أرجحه أن الزكاة واجبة مطلقا ، ولو كان عليه دين ينقص النصاب ، إلا دَيْناً وجب قبل حلول الزكاة، فيجب أداؤه ، ثم يزكي ما بقي بعده " انتهى من "الشرح الممتع" (6/35).
والله أعلم