الحمد لله.
يكره التغني بالأذان بحيث يكون على سبيل التطريب والتمديد الزائد في الحروف ، ما لم يغير المعنى ، فإن غير المعنى صار حراماً لا يصح معه الأذان .
روى ابن أبي شيبة (259) أَنَّ مُؤَذِّنًا أَذَّنَ فَطَرَّبَ فِي أَذَانِهِ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ : أَذِّنْ أَذَانًا سَمْحًا وَإِلا فَاعْتَزِلْنَا .
ومعنى : " أَذَانًا سَمْحًا" أي : مِنْ غَيْرِ تَطْرِيبٍ وَلا لَحْنٍ . يُقَال أَسْمَحَ وَسَمَّحَ وَسَامَحَ إذَا سَاهَلَ فِي الأَمْرِ .
انظر : "المغرب" في لغة الفقه ، لأبي المكارم المطرزي الحنفي (ص 234) .
وجاء في "المدونة" (1/159) .
" وَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ التَّطْرِيبَ فِي الأَذَانِ كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً " اهـ .
وقال الإمام الشافعي في "الأم" (1/107) .
" أُحِبُّ تَرْتِيلَ الأَذَانِ وَتَبَيُّنَهُ بِغَيْرِ تَمْطِيطٍ وَلا تَغَنٍّ فِي الْكَلامِ وَلا عَجَلَةٍ " اهـ .
وجاء في الموسوعة الفقهية (6/12) .
" وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ التَّمْطِيطَ وَالتَّغَنِّيَ وَالتَّطْرِيبَ بِزِيَادَةِ حَرَكَةٍ أَوْ حَرْفٍ أَوْ مَدٍّ أَوْ غَيْرِهَا فِي الأَوَائِلِ وَالأَوَاخِرِ مَكْرُوهٌ , لِمُنَافَاةِ الْخُشُوعِ وَالْوَقَارِ . أَمَّا إذَا تَفَاحَشَ التَّغَنِّي وَالتَّطْرِيبُ بِحَيْثُ يُخِلُّ بِالْمَعْنَى فَإِنَّهُ يَحْرُمُ بِدُونِ خِلافٍ فِي ذَلِكَ . لِمَا رُوِيَ أَنَّ رَجُلا قَالَ لابْنِ عُمَرَ : إنِّي لأُحِبُّك فِي اللَّهِ . قَالَ : وَأَنَا أَبْغَضُك فِي اللَّهِ , إنَّك تَتَغَنَّى فِي أَذَانِك . قَالَ : حَمَّادٌ يَعْنِي التَّطْرِيبَ " اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن الأذان الملحن : ( أي يؤذن على سبيل التطريب به كأنما يجر ألفاظ أغنية فإنه يجزئ لكنه يكره ) .
وقال : ( ولكن اللحن - وهو الخطأ المخالف للقواعد العربية - ينقسم إلى قسمين : قسم لا يصح معه الأذان ، وهو الذي يتغير به المعنى .
وقسم يصح به الأذان مع الكراهة ، وهو الذي لا يتغير به المعنى . فلو قال المؤذن : " الله أكبار" فهذا لا يصح ؛ لأنه يحيل المعنى ، فإن أكبار جمع كَبَر ، كأسباب جمع سبب ، وهو الطبل ) انتهى من الشرح الممتع 2/62 .
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله : ( ثم التمديد الزائد عن المطلوب في الأذان ما ينبغي ، فإن أحال المعنى فإنه يبطل الأذان . حروف المد إذا أعطيت أكثر من اللازم فلا ينبغي ، حتى الحركات إذا مدت إن أحالت المعنى لم يصح وإلا كره ) انتهى من فتاوى الشيخ 2/125
والحاصل أن التغني بالأذان مكروه ، وقد يؤدي إلى بطلانه إن حصل تغيير للمعنى .
والله أعلم .