الحمد لله.
لا يصح تبرك الشافعي رحمه الله بغسالة قميص أحمد رحمه الله، وقد جعلها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من القصص المكذوبة، وأنكرها الذهبي رحمه الله.
قال ابن مفلح رحمه الله في الآداب الشرعية (2/ 13): " وروي من غير طريق أن الشافعي رضي الله عنه كتب من مصر كتابا وأعطاه للربيع بن سلمان وقال: اذهب به إلى أبي عبد الله أحمد بن حنبل، وأتني بالجواب.
فجاء به إليه فلما قرأه تغرغرت عيناه بالدموع، وكان الشافعي ذكر فيه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، وقال له: اكتب إلى أبي عبد الله أحمد بن حنبل، واقرأ عليه مني السلام، وقل له: إنك ستمتحن وتدعى إلى خلق القرآن ولا تجبهم، يرفع الله لك علَما يوم القيامة.
فقال له الربيع: البشارة، فأعطاه قميصه الذي يلي جلده وجواب الكتاب.
فقال له الشافعي: أي شيء رفع إليك؟ قال: القميص الذي يلي جلده.
قال: ليس نفجعك به، ولكن بُلَّه وادفع إلينا الماء حتى نشركك فيه.
وفي بعض الطرق: قال الربيع: فغسلته وحملت ماءه إليه، فتركه في قنينة، وكنت أراه في كل يوم يأخذ منه فيمسح على وجهه، تبركا بأحمد بن حنبل رضي الله عنهما.
وقد قال الشيخ تقي الدين: كذبوا على الإمام أحمد حكايات في السنة والورع، وذكر هذه الحكاية، وحكاية امتناعه من الخبز الذي خبز في بيت ابنه صالح لما تولى القضاء" انتهى.
وقال الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء (12/ 587) في ترجمة الربيع بن سليمان رحمه الله: " ولم يكن صاحب رحلة، فأما ما يروى أن الشافعي بعثه إلى بغداد بكتابه إلى أحمد بن حنبل فغير صحيح" انتهى.
قال الدكتور ناصر بن عبد الرحمن الجديع في "التبرك أنواعه وأحكامه" ص386: "ومما يؤكد قول الذهبي رحمه الله: أن الخطيب البغدادي لم يترجم للربيع في تاريخ بغداد، مع التزامه ترجمة كل من ورد بغداد، ومع أن الربيع كان مشهورا ، ثم إنه من خلال تأمل أسانيد هذه الحكاية تبين أن في أحد أسانيدها أبا عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي، قال عنه محمد بن يوسف القطان النيسابوري: كان أبو عبد الرحمن السلمي غير ثقة، وكان يضع للصوفية الأحاديث، وقال الذهبي: ما هو بالقوي في الحديث، وقال أيضا: وبالجملة ففي تصانيفه أحاديث وحكايات موضوعة...
أما الأسانيد الأخرى ففيها انقطاع، وبعض رواتها لا يعرف" انتهى.
والحاصل: أن هذه قصة مكذوبة لا تصح.
والله أعلم.