الحمد لله.
أولا :
الذي يعنينا من المعلومات الواردة بالسؤال ، والتي تؤثر في الحكم هي أن أباك كتب شقتين لأخيك ، كما أنه كتب لك ولأخواتك البنات شققا وعقارات ، وكل ذلك كان في حياته .
أما كونه قال لأخيك : رُدَّ الشقة أو لم يقل ؟ أو أن أختك سمعته يقول كذا أو لم تسمعه ؟ أو أن أخاك يرضى بقول أخته أو لم يرض ؟ فكل هذا لا يؤثر في الحكم .
ثانيا :
الشقق والعقارات التي كتبها والدك لأولاده جميعا (ذكورا وإناثا) في حياته ، تكيف شرعا على أنها هبة ، والواجب على الأب إذا وهب شيئا لأولاده أن يعدل بينهم ، وقد سبق بيان هذه المسألة تفصيلا بأدلتها في عدة أجوبة ، فانظري جواب السؤال رقم (22169) ، ورقم (67652) .
فإن كان والدك عدل في عطيته بينكم بأن (أعطى للذكر مثل حظ الأنثيين، أو سوى بينكم بالعطية): فهي عطية نافذة صحيحة، كما سبق بيانه في جواب السؤال (272305).
ثالثا :
إذا مات الأب وكان قد وهب أولاده شيئا ولم يعدل بينهم، فالواجب عليهم أن يعدلوا هم ، فيعيدوا كل ما أخذوه من عقارات من أبيهم في حياته إلى التركة ، ويعاد تقسيم التركة بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" والصحيح من قولي العلماء أن الذي خَصَّ بناته بالعطية دون حَمْلِهِ : يجب عليه أن يرد ذلك في حياته ، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن مات ولم يرده رُدَّ بعد موته على أصح القولين أيضا ، طاعةً لله ولرسوله ، واتباعاً للعدل الذي أمر به ، واقتداءً بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، ولا يحل للذي فُضِّل أن يأخذ الفضل ، بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به " انتهى من " الفتاوى الكبرى " (4/184) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" الصواب : أنه إذا مات - يعني الأب الذي فضل بعض الأولاد - وجب على المفضَّل أن يرد ما فُضِّل به في التركة ، فإن لم يفعل خصم من نصيبه إن كان له نصيب ؛ لأنه لما وجب على الأب الذي مات أن يسوي ، فمات قبل أن يفعل صار كالمدين ، والدين يجب أن يؤدى ، وعلى هذا نقول للمفضَّل : إن كنت تريد بر والدك فرد ما أعطاك في التركة " انتهى من " الشرح الممتع " (11/85) .
ولا مانع من أن يحتفظ كل وارث بما معه من عقارات - إن تم التراضي على ذلك – على أن يراعى عند التقسيم قيمة كل عقار ، فيأخذ الذكر ضعف الأنثى ، ويتم تعديل ذلك عند قسمة المتبقي من العقارات التي تركها والدكم ميراثا .
رابعا :
الواجب عليكم أن تراعوا ما بينكم من الرحم ، وألا تكون الدنيا سببا للقطيعة بينكم ، فإن الدنيا مهما كانت كثيرة فهي فانية ، لا قيمة لها ، وليتدخل عقلاء العائلة بينكم ليتم التقسيم في جو من الود والتسامح والتراضي .
نسأل الله تعالى أن يصلح بينكم .
والله أعلم .