من سنتين اشتريت قطعة ملابس، ثم استبدلتها بأخرى من محل ثان دون علم صاحبها، تختلف بالقياس واللون فقط، وليست فيها ضرر، المحل بمدينة أخرى تبعد سفر ٣ ساعات، القطعة ما زالت موجودة لدي، ولكن التي في المحل ستكون بيعت، فماذا أفعل الآن لإصلاح الأمر، مع العلم إنني فتاة يصعب علي الوصول إلى التاجر أو أخشى إلحاق الضرر بي؟ وفي بلدي الأسعار تتغير يوميا، فهل العوض بسعر عملة بلدي أم الدولار؟
الحمد لله.
استبدال القطعة من محل آخر لا يجوز، وأخذك القطعة كان أخذاً بغير حق، وكونك تركتِ لهم قطعة بدلها لا يغير الحكم، فإن الله تعالى أمر أن يكون التبادل بالبيع والشراء وغيرها عن تراضٍ.
قال الله تعالى : يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ النساء/29، وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) رواه البيهقي في الكبرى (11545)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (7662).
فمن أخذ شيئا بطريقة غير شرعية ، فالواجب عليه أن يرده إلى صاحبه ، لقوله صلى الله عليه وسلم: (عَلَى اليَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَه) الترمذي (1266) وقال حسن صحيح.
قال ابن الأمير الصنعاني رحمه الله: "والحديث دليل على وجوب رد ما قبضه المرء وهو ملك لغيره، ولا يبرأ إلا بمصيره إلى مالكه ، أو من يقوم مقامه، لقوله حتى تؤديه، ولا تتحقق التأدية إلا بذلك.
وهو عام في الغصب، والوديعة، والعارية" انتهى من "سبل السلام" (5/ 173).
وقال ابن قدامة رحمه الله: "فمن غصب شيئا لزمه رده، ما كان باقيا، بغير خلاف نعلمه. لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "على اليد ما أخذت حتى تؤديه"، ولأن حق المغصوب منه متعلق بعين ماله وماليته، ولا يتحقق ذلك إلا برده.
فإن تلف في يده، لزمه بدله؛ لقول الله تعالى: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم؛ ولأنه لما تعذر رد العين، وجب رد ما يقوم مقامها في المالية" انتهى من "المغني" (7/ 361).
فعليك التوبة والاستغفار مما حصل منك، والذهاب إلى المحل وإخبارهم بحقيقة الأمر ، ثم بعد ذلك هم بالخيار :
إما أن يسامحوك ، أو يطلبوا شيئا من المال ، أو يطلبوا قطعتهم ، ونحو ذلك .
فإن منعك الحياء أن تذهبي إليهم ، فأعطي الملابس لغيرك ، لأخيك أو غيره ، ويذهب هو إلى المحل ، المهم : أنه لابد من استحلال صاحب الحق، مع إمكان الوصول إليه ؛ لأن التوبة لا تتم إلا بذلك .
والله أعلم .