الحمد لله.
إذا مات الطفل مختنقا بالغطاء، ولم يكن ذلك بفعلك، أي لم تضعي الغطاء على وجهه، فلا شيء عليك.
وترك فتحة بجوار السرير لا يظهر أنه سبب في الموت؛ لأن الطفل لم يمت بسقوطه فيها، وإنما مات بجره الغطاء، أو سقوط الغطاء عليه، سواء كان الغطاء الذي على الفتحة، أو غطاء آخر.
وإذا حصل شك في أن الموت كان بسبب هذه الفتحة، فلا كفارة مع الاحتمال؛ لأن الأصل براءة الذمة.
قال ابن حزم رحمه الله في "المحلى" (11/15): " مسألة: في امرأة نامت بقرب ابنها أو غيره فوجد ميتا " ثم ساق بإسناده: " عن إبراهيم النخعي في امرأة أنامت صبيها إلى جنبها فطرحت عليه ثوبا فأصبحت وقد مات؟ قال: أحب إلينا أن تكفر ... عن إبراهيم أنه قال: في امرأة غطت وجه صبي لها فمات في نومه؟ فقال: تعتق رقبة.
قال أبو محمد: إن مات من فعلها، مثل أن تجر اللحاف على وجهه ثم ينام، فينقلب فيموت غما، أو وقع ذراعها على فمه، أو وقع ثديها على فمه، أو رقدت عليه وهي لا تشعر: فلا شك أنها قاتلته خطأ، فعليها الكفارة، وعلى عاقلتها الدية، أو على بيت المال.
وإن كان لم يمت من فعلها: فلا شيء عليها في ذلك، أو لا دية أصلا.
فإن شكَّت أمات من فعلها، أم من غير فعلها: فلا دية في ذلك، ولا كفارة؛ لأننا على يقين من براءتها من دمه، ثم على شك أمات من فعلها أم لا؟ والأموال محرمة إلا بيقين، والكفارة إيجاب شرع، والشرع لا يجب إلا بنص أو إجماع، فلا يحل أن تُلزم غرامة، ولا صياما، ولا أن تلزم عاقلتها دية بالظن الكاذب، وبالله تعالى التوفيق " انتهى.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (21/388): "س: شاء الله وقدر وفاة طفلة لي تبلغ من العمر 9 شهور، وسبب الوفاة: عندما نامت وضعت على السرير الخاص بها بالنوم كالمعتاد ووضعت أنا والدها عليها شرشف وأضافت والدتها عليها بطانية لبرودة الجو، وذلك بعد صلاة الفجر وذهبت أنا لأنام، ووالدتها انشغلت بمشاغل المنزل على أمل العودة للنوم مع ابنتها بنفس الغرفة، ولكن لتعب والدتها غلب عليها النوم في غرفة أخرى، وقمت الساعة الحادية عشرة والنصف للذهاب إلى الدوام، وقبل خروجي من المنزل كالمعتاد أطمئن على الأطفال في غرف نومهم وإعادة التدفئة عليهم من البرد، وإذا أنا بالطفلة في وضع غير طبيعي، والشرشف والبطانية تغمر الطفلة، فهل علينا الصيام جميعا الوالد والوالدة أم على أحدنا؟ علما بأننا لم نكن قاصدين ذلك. أفيدونا.
ج: إذا كنتما لم تضعا الشرشف والبطانية أو أحدهما على وجهها، وإنما هي بحركتها انغمرت بهما- فليس عليكما شيء، لأنكما لم تفرطا، أما إن كنتما وضعتما الشرشف والبطانية على وجهها، فعلى كل واحد منكما كفارة قتل الخطأ؛ لأنكما بذلك قد تسببتما في موتها، والكفارة هي عتق رقبة مؤمنة على كل واحد منكما، فإن لم تجدا فعلى كل واحد منكما أن يصوم شهرين متتابعين (ستين يوما) مع التوبة إلى الله، ونسأل الله أن يعوضكما خيرا منها، وأن يعينكما على أداء الواجب.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
بكر بن عبد الله أبو زيد ... صالح بن فوزان الفوزان ... عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى.
والله أعلم.