الحمد لله.
أولا :
لا حرج على الأب أن يقسم أملاكه أو بعضها على أولاده في حياته ، وتكون هبة منه لهم .
والأقرب في هذا أن يعطى الذكر ضعف الأنثى ، كما هي قسمة الميراث ، لأنه لا أعدل من قسمة الله تعالى .
وبعض أهل العلم يرى أن العدل في الهبة: أن تكون بالتساوي، لا فرق بين ذكر وأنثى، ولا يجري بها مجرى قسمة الميراث.
ولكن ما دام ذلك قد حصل بالتراضي بين الأولاد جميعًا ، فلا حرج في ذلك ، وهي هبة صحيحة، نافذة، بلا إشكال.
سئل الشيخ عبد العزيز بن بن باز رحمه الله :
هل يجوز لي أن أعطي أحد أبنائي ما لا أعطيه لآخر لكون الآخر غنيّاً ؟
فأجاب :
"ليس لكِ أن تخصي أحد أولادك الذكور والإناث بشيء دون الآخر ، بل الواجب العدل بينهم حسب الميراث ، أو تركهم جميعا ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ) متفق على صحته.
لكن إذا رضوا بتخصيص أحد منهم بشيء : فلا بأس ، إذا كان الراضون بالغين ، مرشدين ، وهكذا إن كان في أولادك من هو مقصِّر ، عاجز عن الكسب ، لمرض ، أو علة مانعة من الكسب ، وليس له والد ، ولا أخ ينفق عليه ، وليس له مرتب من الدولة يقوم بحاجته : فإنه يلزمك أن تنفقي عليه قدر حاجته ، حتى يغنيه الله عن ذلك" انتهى من " فتاوى الشيخ ابن باز " (20 / 50- 51).
ثانيا:
اختلف العلماء في جواز اشتراط شرط في الهبة ، والصحيح جوازه.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " واعلم أن الأصل في جميع الشروط في العقود الصحة ، حتى يقوم دليل على المنع؛ والدليل على ذلك عموم الأدلة الآمرة بالوفاء بالعقد: (ياأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) ، (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا) ، وكذلك الحديث الذي روي عن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام : (المسلمون على شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا) . وكذلك قوله ـ عليه الصلاة والسلام : (كل شرط ليس فيه كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط) .
فالحاصل: أن الأصل في الشروط الحل والصحة، سواء في النكاح، أو في البيع، أو في الإجارة، أو في الرهن، أو في الوقف.
وحكم الشروط المشروطة في العقود، إذا كانت صحيحة : أنه يجب الوفاء بها، في النكاح وغيره؛ لعموم قوله تعالى: (ياأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) فإن الوفاء بالعقد يتضمن الوفاء به، وبما تضمنه من شروط وصفات؛ لأنه كله داخل في العقد" انتهى من "الشرح الممتع" (12/163).
فما دام الوالد رحمه الله قد اشترط أن يكون الإيجار له مدة حياته ، فهذا الشرط صحيح يجب على الأولاد العمل به .
وبناء عليه ؛ فكل ما كان يستحقه في حياته فهو له ، ويوضع في حسابه ، ويقسم على الورثة جميعا ، حسب نصيب كل واحد منهم الشرعي ، سواء أكان قد استلم هذه الأموال فعلا ووضعت في حسابه ، أم استلمها ولم توضع في حسابه ، أم لم يستلمها من الأصل ، وبقيت ديونا على المستأجرين ، لأن كل هذا مما استحقه الوالد في حياته ، فهو داخل في الشرط الذي اشترطه .
وبهذا يتبين الجواب على السؤالين :
1 – فالأموال التي استُلمت ولم توضع في حسابه ، هي ملك له ، تقسم على جميع الورثة ، وليست من حق صاحب الشقة ، لأن صاحب الشقة لا يستحق الإيجار إلا بعد وفاة الوالد .
2 – وكذلك الديون التي عند بعض المستأجرين هي حق للوالد ، وليست حقا لصاحب الشقة .
والله أعلم .