هل يجوز شراء أو بيع شيء بسعر معين في وقت محدد؛ كأن أتفق مع شخص لبيع شيء مقابل عشرة دولارات في اليوم الحادي والثلاثين، ربحي أو خسارتي سيعتمد على سعر هذا الشيء في ذلك الوقت، وينطبق الشيء نفسه على الشراء؟
الحمد لله.
يجوز شراء سلعة موصوفة في الذمة، مؤجلة إلى أجل معلوم، بشرط دفع الثمن كاملا في مجلس العقد، ويسمى هذا عقد السلَم، وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ؛ فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ رواه البخاري (2241)، ومسلم (1604).
فيلتزم البائع بتسليم السلعة في الموعد المحدد، ويكون ربح كل من المشتري والبائع بحسب ارتفاع سعر السلعة وانخفاضه في يوم التسليم.
فقد يدفع المشتري في سلعة عشر دولارات، فإذا جاء وقت التسليم كان سعرها في السوق خمسة عشر دولارا. فالمشتري ربح هنا.
وكذلك البائع، إذا كان قد استفاد من المال خلال مدة الأجل.
فلو صار السعر في وقت التسليم ثمانية دولارات، فقد خسر المشتري الذي دفع عشرة.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (4/207): " باب السلم، وهو أن يسلم عوضا حاضرا، في عوض موصوف في الذمة إلى أجل، ويسمى سلما، وسلفا. يقال: أسلم، وأسلف، وسلف.
وهو نوع من البيع، ينعقد بما ينعقد به البيع، وبلفظ السلم والسلف، ويعتبر فيه من الشروط ما يعتبر في البيع.
وهو جائز بالكتاب والسنة والإجماع؛ أما الكتاب، فقول الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه [البقرة: 282] ، وروى سعيد بإسناده عن ابن عباس، أنه قال: أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى قد أحله الله في كتابه، وأذن فيه، ثم قرأ هذه الآية. ولأن هذا اللفظ يصلح للسلم، ويشمله بعمومه.
وأما السنة، فروى ابن عباس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قدم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنتين والثلاث، فقال: من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم. متفق عليه.
وروى البخاري عن محمد بن أبي المجالد، قال: أرسلني أبو بردة وعبد الله بن شداد إلى عبد الرحمن بن أبزى وعبد الله بن أبي أوفى، فسألتهما عن السلف، فقالا: كنا نصيب المغانم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان يأتينا أنباط من أنباط الشام، فنسلفهم في الحنطة والشعير والزبيب. فقلت: أكان لهم زرع أم لم يكن لهم زرع؟ قال: ما كنا نسألهم عن ذلك.
وأما الإجماع، فقال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن السلم جائز، ولأن المثمن في البيع أحد عوضي العقد، فجاز أن يثبت في الذمة، كالثمن.
ولأن بالناس حاجة إليه؛ لأن أرباب الزروع والثمار والتجارات يحتاجون إلى النفقة على أنفسهم، وعليها -أي على الزروع- ؛ لتكمل، وقد تعوزهم النفقة، فجوز لهم السلم؛ ليرتفقوا، ويرتفق المسلم بالاسترخاص" انتهى.
وقوله: " ويرتفق المسلم بالاسترخاص": يشير إلى أن الغالب أن المشتري يشتري السلعة برخص، مراعاة لكون السلعة مؤجلة.
وينبغي التنبه إلى أن البيع قد تم عند تسليم الثمن، والمؤجل هو تسليم السلعة، لا أن البيع مؤجل أو معلق على مجيء اليوم الواحد والثلاثين؛ فلا يصح البيع المعلق أو المستقبلي.
وثمة عقود معاصرة محرمة تسمى عقود الفروقات والمستقبليات، سبق بيانها في جواب السؤال رقم: (269079).
والله أعلم.