الحمد لله.
أولاً :
الأصل أن الأشياء الموقوفة على مسجد معين لا تنقل إلى غيره , لأن صاحبها إنما أخرجها عن ملكه لهذا المسجد المعين , فلا يجوز أن تنقل إلى غيره .
ثانياً :
أجاز بعض العلماء – وهو الصحيح - نقلها إلى مسجد آخر بشرط : أن يكون نقلها أنفع من بقائها في ذلك المسجد .
كما لو كان المنتفعون من هذه الكتب في المسجد الثاني أكثر عدداً من المنتفعين بها في المسجد الأول .
أو كانوا مجموعة من الدعاة إلى الله وطلبة العلم , فيستفيدون ويفيدون غيرهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" ويجوز تغيير شرط الواقف إلى ما هو أصلح منه ، وإن اختلف ذلك باختلاف الزمان , حتى لو وقف على الفقهاء . . . واحتاج الناس إلى الجهاد صرف إلى الجند " انتهى .
"الاختيارات" (ص 176) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن تغيير بعض الشروط التي اشترطها الواقف إلى ما هو أفضل :
" وهذه المسألة اختلف فيها العلماء فمنهم من يقول : إن الواقف إذا شرط شروطاً في الوقف ورأى الناظر أن غير هذا الشرط أنفع للعباد وأكثر أجراً فإنه لا بأس أن يصرفه إلى غيره .
ومنهم من منع ذلك وقالوا : إن هذا الرجل أخرج هذا الوقف عن ملكه على وجه معين فلا يجوز أن يُتَصرف في ملكه إلا حسب ما أخرجه .
وأما الذين قالوا بالجواز فيقولون : إن أصل الوقف للبر والإحسان فما كان أبر وأحسن فهو أنفع للواقف ، واستدل هؤلاء بأن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه رجل عام الفتح , وقال : يا رسول الله إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس , فقال : ( صلِّ ها هنا ) , فأعاد عليه , فقال : ( صلِّ ها هنا ) , فأعاد عليه فقال : ( صلِّ ها هنا ) فأعاد عليه فقال : ( شأنك إذاً ) .
والوقف شبيه بالنذر ، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أجاز للناذر أن ينتقل إلى الأفضل , فالواقف كذلك , وهذا القول هو الصحيح , أنه يجوز أن يغير شرط الواقف إلى ما هو أفضل ، ما لم يكن الوقف على معيّن , فإن كان الوقف على معيّن لم يجز صرفه إلى جهة أفضل ، لأنه معيّن فتعلق الحق بالشخص المعيّن , فلا يمكن أن يغير أو يحول " انتهى بتصرف .
"الشرح الممتع" ( 9/561,560 ) .
ثالثاً :
وأما من يحق له نقلها فهو ناظر الوقف ( المسئول عنها ) الذي تم تعينه من قبل الواقف لهذه الكتب , فإن لم يوجد , فيرجع في هذا إلى الجهة المسئولة عن هذه الكتب كوزارة الأوقاف في البلاد الإسلامية .
والله أعلم .