الحمد لله.
من اشترى سلعة وتركها لدى البائع بإذنه، فهي أمانة عنده، فإن باعها كان متعدّيا متلفا للأمانة، ولزمه ضمان مثلها إن كان لها مثل، فإن لم يكن لها مثل، ضمن قيمتها يوم الاعتداء عليها بالبيع.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (1/ 226): " لا نعلم خلافا في أن المتلف إن كان مثليا ضُمن بمثله، وإن كان قيميّا ضمن بقيمته، كما لا نعلم خلافا في أن تقدير القيمة يراعى فيه مكان الإتلاف " انتهى.
وقال ابن القيم رحمه الله: " الأصل الثاني: أن جميع المتلفات تضمن بالجنس بحسب الإمكان، مع مراعاة القيمة ...
وإذا كانت المماثلة من كل وجه متعذرة، حتى في المكيل والموزون؛ فما كان أقرب إلى المماثلة فهو أولى بالصواب.
ولا ريب أن الجنس إلى الجنس أقرب مماثلة من الجنس إلى القيمة؛ فهذا هو القياس وموجب النصوص، وبالله التوفيق" انتهى من "إعلام الموقعين" (2/20).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في ضابط المثلي: "ضابطه عند الفقهاء: كل مكيل أو موزون ليس فيه صناعة مباحة، يصح السلم فيه ...
والصحيح: أن المثلي ما كان له مثيل مطابق، أو مقارب تقاربا كثيرا.
ويدل لهذا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لزوجته التي كسرت الإناء، وأفسدت الطعام: إناء بإناء، وطعام بطعام، ولم يضمّنها بالقيمة.
ثم إننا نقول: الصناعة الآن تتقدم، ومن المعلوم أن الفناجيل ـ مثلا ـ من الزجاج مصنوعة، وهي مثلية قطعا، فمماثلة الفنجال للفنجال، أشد من مماثلة صاع البر لصاع البر، وهذا أمر معلوم، والحلي ـ مثلا ـ والأقلام، والساعات، كل هذه مثلية، وهي على حد الفقهاء ليست مثلية.
فالصواب إذا: أن المثلي ما كان له مماثل أو مقارب مقاربة تامة" انتهى من "الشرح الممتع" (10/ 120).
وعليه؛ فإذا لم يوجد نفس النوع، لزمه أن يعطي ما هو قريب منه، مما يشاركه في المواصفات والمقاسات.
ولا يحل للبائع أن يطالب بفرق السعر؛ لأنه ضامن مطالب بالمثل كما قدمنا، إلا أن يقدم شيئا أعلى وترضى بقبوله فتدفع الفرق.
ولا التفات للسعر القديم الذي أخذت به، فإن في ذمته أمتارا معينة من السيراميك، وليس مالا، فيلزمه دفع مثلها أو ما يقارب المثل، فإن لم يوجد، دفع قيمتها الآن-أي وقت التعدي عليها- وليس ثمنها الأول.
والله أعلم.