كلام الله مع الملائكة والأنبياء ويوم البعث وفي الجنة بأي لغة؟

09-09-2024

السؤال 524868

أنا أعلم أن كلام الله تعالى على لسان خلقه يكون بالمعنى وليس اللفظ، مثل (إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ)، لكن ماذا عن مخاطبة الله تعالى لخلقه في وقت معين؛ كقول الله تعالى للملائكة: (إني أعلم ما لا تعلمون)، هل يكون بنفس اللفظ، أو نفس المعنى، أم يجب الوقوف عليه؟ وهل يجب الوقوف على كيفية مخاطبة الله تعالى للملائكة؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

كلام الله على لسان خلقه: قد يكون حكاية لمعناه دون ألفاظه، إذا كان المتكلم غير عربي كإبراهيم ويعقوب ويوسف وموسى وعيسى عليهم السلام؛ فإنهم لم يكونوا عربا، وقد حكى الله كلامهم بلغة القرآن التي هي العربية.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ” وكذلك سائر من حكى الله في القرآن أنه قال، من الأمم المتقدمة الذين تكلموا بغير العربية؛ فإنما تكلموا بلغتهم، وقد حكى الله ذلك باللغة التي أنزل بها القرآن وهي العربية، وكلام الله صدق” انتهى من التسعينية، ضمن “الفتاوى الكبرى” (6/ 437).

وقال رحمه الله: ” فإن الله تعالى قد حكى عن الأمم المتقدمين، من الأنبياء وأتباعهم، وتكذيبهم: أقوالاً كثيرة، ولم ينقل لفظ أحد منهم، وإنما نقل معنى كلامه باللغة العربية، وبنظم القرآن المخالف لسائر نظم الكلام، مع أن أولئك تكلموا بغير العربية، وبغير نظم القرآن، وهو الصادق فيما حكاه عنهم؛ إذ كان المقصود هو معاني ألفاظهم، لا نفس الألفاظ” انتهى من “بيان تلبيس الجهمية” (8/ 472).

ثانيا:

كلام الله تعالى مع ملائكته، وكلامه يوم البعث مع خلقه، وكلامه لأهل الجنة، لا يُعلم بأي لغة يكون، وليس في القرآن والسنة تصريح بذلك، إلا ما جاء أن لغة أهل الجنة العربية، وذلك في حديث لا يصح، كما بينا في جواب السؤال رقم: (83262).

ولذلك فالصواب هو التوقف، وعدم تكلف البحث في ذلك؛ لا سيما أن ذلك لا ينبني عليه عمل.

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : بماذا يخاطب الناس يوم البعث؟ وهل يخاطبهم الله تعالى بلسان العرب؟ وهل صح أن لسان أهل النار الفارسية وأن لسان أهل الجنة العربية؟

فأجاب: ” الحمد لله رب العالمين، لا يُعلم بأي لغة يتكلم الناس يومئذ، ولا بأي لغة يسمعون خطاب الرب جل وعلا؛ لأن الله تعالى لم يخبرنا بشيء من ذلك، ولا رسوله عليه الصلاة والسلام، ولم يصح أن الفارسية لغة الجهنميين، ولا أن العربية لغة أهل النعيم الأبدي.

ولا نعلم نزاعا في ذلك بين الصحابة رضي الله عنهم، بل كلهم يكفّون عن ذلك؛ لأن الكلام في مثل هذا من فضول القول …

ولكن حدث في ذلك خلاف بين المتأخرين، فقال ناس: يتخاطبون بالعربية، وقال آخرون: إلا أهل النار فإنهم يجيبون بالفارسية، وهى لغتهم في النار. وقال آخرون: يتخاطبون بالسريانية؛ لأنها لغة آدم وعنها تفرعت اللغات . وقال آخرون: إلا أهل الجنة فإنهم يتكلمون بالعربية.

وكل هذه الأقوال: لا حجة لأربابها، لا من طريق عقلٍ ولا نقل، بل هي دعاوى عارية عن الأدلة، والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم ” انتهى من “مجموع الفتاوى .(4/299) “

والله أعلم.

العقيدة
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب