لقد قمت بإخراج الزكاة معجلًا في شهر ذي الحجة عن مبلغ 70,000 درهم، وحولها الأصلي هو شهر ربيع الأول، سؤالي هو: في شهر ربيع الأول إذا أصبح عندي 90,000 درهم، هل يجب أن أخرج الزكاة عن الفرق (20,000 درهم)، أم يجب أن أنتظر حتى السنة القادمة؟
الحمد لله.
أولا:
يجوز تعجيل الزكاة لحولين فأقل، إذا كان المال بالغا نصابا.
جاء في “الموسوعة الفقهية” (12/ 226): “واختلف الفقهاء في المدة التي يجوز تعجيل الزكاة فيها:
فذهب الحنفية: إلى جواز تعجيل الزكاة لسنين، لوجود سبب الوجوب، وهو: ملك النصاب النامي.
وقيده الحنابلة بحولين فقط، اقتصارا على ما ورد.
فقد روى علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم تعجل من العباس رضي الله عنه صدقة سنتين، لقوله صلى الله عليه وسلم: (أما العباس فهي علي ومثلها معها).
ولما روى أبو داود من أن النبي صلى الله عليه وسلم تسلف من العباس صدقة عامين، وهو وجه عند الشافعية، صححه الإسنوي وغيره .
وذهب الشافعية: إلى عدم جواز تعجيل الزكاة لأكثر من عام، وذلك: لأن زكاة غير العام الأول لم ينعقد حولها، والتعجيل قبل انعقاد الحول لا يجوز، كالتعجيل قبل كمال النصاب في الزكاة العينية.
أما المالكية: فلم يجيزوا تعجيل الزكاة لأكثر من شهر قبل الحول على المعتمد، وتكره عندهم بشهر” انتهى.
ثانيا:
إذا عجل الزكاة فزاد المال، فهذه الزيادة نوعان:
الأول: أن تكون ناتجة عن الأصل كربح التجارة، أو نتاج السائمة، فهذه حولها حول أصلها، فيلزم إخراج الزكاة عن المال الزائد.
وعلى ذلك؛ فلو كان المال الذي زكيته في ذي الحجة قد ربح 20 ألفا قبل حولان الحول الأصلي الذي هو في ربيع الأول، فإنك عند حولان هذا الحول، تزكي هذا الربح.
وكذا لو كان المال عروض تجارة كعقار معد للبيع، فعجلت زكاته، ثم زادت قيمته أثناء الحول: زكيت الزيادة عند تمام الحول.
قال في “شرح منتهى الإرادات” (1/ 451): ” (ولو عجل عن ألف) درهم فضة (خمسة وعشرين منها، ثم ربحت خمسة وعشرين) درهما (لزمه زكاتها) أي الخمسة والعشرين” انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ” ولو عجل الزكاة، ثم زاد النصاب: فإنه تجب الزكاة في الزيادة أيضاً” انتهى من “الشرح الممتع” (6/ 218).
الثاني: ألا تكون الزيادة ناتجة عن الأصل، بل كانت مالا مستفادا من طريق آخر، كإرث أو هبة، أو ادخار من راتب، فإنه يُجعل لها حولٌ مستقل، يبدأ من وقت تملّكها، ويجوز أن تزكى في حول المال الأول، وتكون معجلة.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: “من ملك نصاباً من النقود، ثم ملك تباعاً نقوداً أخرى في أوقات مختلفة، وكانت غير متولدة من الأولى ولا ناشئة عنها، بل كانت مستقلة، كالذي يوفره الموظف شهرياً من مرتبه، وكإرث أو هبة أو أجور عقار مثلاً :
فإن كان حريصاً على الاستقصاء في حقه، حريصاً على أن لا يدفع من الصدقة لمستحقيها إلا ما وجب لهم في ماله من الزكاة: فعليه أن يجعل لنفسه جدول حساب لكسبه يخص فيه كل مبلغ من أمثال هذه المبالغ بحول، يبدأ من يوم ملكه، ويخرج زكاة كل مبلغ لحاله كلما مضى عليه حول من تاريخ امتلاكه إياه.
وإن أراد الراحة، وسلك طريق السماحة، وطابت نفسه أن يؤثر جانب الفقراء وغيرهم من مصارف الزكاة على جانب نفسه؛ زكى جميع ما يملكه من النقود حينما يحول الحول على أول نصاب ملكه منها، وهذا أعظم لأجره وأرفع لدرجته، وأوفر لراحته، وأرعى لحقوق الفقراء والمساكين وسائر مصارف الزكاة.
وما زاد فيما أخرجه عما تم حوله يعتبر زكاة معجلة عما لم يتم حوله” انتهى من “فتاوى اللجنة الدائمة” (9/280).
وينظر: جواب السؤال رقم: (93414)، ورقم: (26113).
وعليه؛ فإذا كانت العشرون ألفا ليست ربحا ناتجا عن السبعين ألفا، فإن حولها يبدأ من وقت تملكها، ولك أن تزكيها في ربيع الأول، وتكون معجلا لزكاتها.
وإن كانت من ربح المال الأصلي: وجبت زكاتها في الحول الأصلي لمالك.
والله أعلم.