كثير من الأشخاص عندنا يبررون لأخواتنا المسلمات الجديدات الذين اعتنقوا الإسلام حديثـًا جواز تحدثهن للرجال لاسيما الرجال المسلمين ما دامت النية سليمة وأن الحديث يدور حول الإسلام. وقد قرأت على موقعكم أجوبة لقليل من الأسئلة المشابهة لكن يا حبذا لو تكون هناك أدلة نصية أوضح عن هذا السؤال، حيث إن هؤلاء الأخوات ليس لديهن الأدلة الصحيحة من الحديث لمعارضة هذه التبريرات. فأرجو تقديم البراهين الساطعة من السنة والسلف الصالح بما يحسم هذه المسألة للأخوات والإخوة الذين يقولون بخلاف ذلك، وإن كانت هناك استثناءات في هذه المسألة فأرجو ذكرها. وتظهر أهمية الموضوع بصفة خاصة لأن الأخت الجديدة في الإسلام ليس لديها كثيرٌ من العلم ويسهل حملها على تغيير رأيها نظرًا لقلة علمها .
الحمد لله.
جزاك الله تعالى خيرا - أخي الكريم - على غيرتك على أمر الأحكام الشرعية لاسيما بالنسبة لمن يدخل في هذا الدين الكريم لائذا به من جحيم الملل والأديان المنحرفة أو المحرَّفة.
أما ما سألت عنه أخي الكريم من أمر العلاقة الدعوية مع المسلمة الجديدة فظاهر من نصوص الشرع أنه قد جاء بتقرير القواعد العامة لعلاقة الرجل بالمرأة بما يحقق المقاصد الشرعية القائمة على تحقيق المصالح وحماية المسلم والمسلمة من أسباب الفتنة. وقد أقرَّ بأثر هذه القواعد العامة في إصلاح المجتمعات العقلاء حتى من الكفار أنفسهم وقبل ذلك شواهد التاريخ الإسلامي المُشرِق.
وقد جاءت الشريعة بتقعيد أصل العلاقة في التخاطب بين الجنسين في القرآن والسنة ومن أبرز ذلك قوله تعالى: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفا ً) الأحزاب/32.
فالمحظور عدم الخضوع بالقول، والواجب على المرأة القول بالمعروف ومعناه كما قال المفسرون لا تُرَقق الكلام إذا خاطبها الرجال ولا تُلين القول. والآية وإن كانت موجهة إلى نساء النبي صلَّى الله عليه وسلَّم إلا أن التعليل بدفع طمع الفُسَّاق في المسلمات العفيفات تعليل عام يدل على دخول كل المؤمنات في هذا الخطاب. قال الجصاص عن الآية: (وفيه الدلالة على أن ذلك حكم سائر النساء في نهيهن عن إلانة القول للرجال على وجه يوجب الطمع فيهن.) أحكام القرآن ج5/ص 229.
والشريعة تأتي بالقواعد العامة المحكمة التي تندرج فيها الجزئيات ولا يلزم أن تأتي أدلة تفصيلية على كل مسألة. والقاعدة العامة في هذه الآية تدخل فيها الكثير من الجزئيات والتي منها هذه الحالة وقد سبق في جواب السؤالين: (1497)، و(6453) بيان تفصيلي لضوابط الحديث بين الجنسين بما يُغني عن تكرارها هنا.
والأصل في تعليم أحكام الشرع أن يكون الرجل هو المعلِّم والمبيِّن لما جعل الله تعالى له من القيام بمنصب إمامة الناس والفتيا والقضاء وغير ذلك، ولهذا فلا إشكال أن تقوم النساء بسؤال الرجال عن أحكام الشرع كما كانت النساء تستفتي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن أمور دينهن، لاسيما إن كانت السائلة حديثة عهد بالإسلام وتحتاج من الأحكام ما تصحح به عقيدتها وتزيد قناعتها بهذا الدين الحنيف، ويلزم في حال تعلُّم المرأة من الرجل أن يكون ذلك وفق الضوابط الشرعية التي أُشير إليها.
ويلزم التنبيه في هذا المقام لإخواننا الحاملين لهِّم الدعوة في تلك البلاد - لاسيما الشباب منهم - أنه ينبغي على مَن علم مِن نفسه ضعفاً، وخاف على نفسه الوقوع في مصائد الشيطان، من تعلُّق القلب بالنساء بما يصرفه عن دعوته أن ينأى بنفسه عن التعرض المباشر لدعوة النساء مادام هناك ممن هو أقدر منه من يكفيه هذا الباب، وإذا احتيج إليه فليقلل ما استطاع.
أما من ظنَّ في نفسه الثبات واليقين، فإن الأصل جواز هذا الأمر في حقِّه لكن بشروط:
أما فيما يتعلق بالمسلمة الجديدة فإنه تبيَّن لها عمومات الأدلة الموضحة لحدود هذه العلاقة والحِكَمَ العظيمة منها، ويحرص الداعي على أن يربطها بالله عز وجل ليكون ذلك أدعى لثباتها وبعدها عن أوجه التعلُّق بمن يدعوها من الرجال. وإن حصل منها شيء من المخالفة الشرعية في هذه المسائل من خضوع منها بالقول أو نحو ذلك فإنه يُرفق بها حتى يثبت أصل الإسلام عندها وتترسخ محبته في قلبها.
نسأل الله تعالى أن يعيننا على إيصال نور الإسلام ورسالته وأن يعيننا على التقيُّد بشرعه واتباع سنة نبينا محمد صلَّى الله عليه وسلَّم وهديه في جميع أمورنا.