هل يجوز الدعاء بقولنا: (إلهي كيف أدعوك و أنا أنا، وكيف أقطع رجائي منك وأنت أنت)؟

10-10-2024

السؤال 533227

هل يجوز الدعاء بدعاء زين العابدين بن علي، رحمه الله، الذي يقول: إلهي كيف أدعوك وأنا أنا، وكيف أقطع رجائي منك وأنت أنت، إلهي إن لم أسالك فتعطني، فمن ذا الذي أسأله فيعطني… إلی آخر الدعاء، الدعاء ليس فيها ألفاظ غير شرعية، وغير منسوبة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فهل يمكن الدعاء به لقضاء الحوائج؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

هذا الدعاء لم نقف عليه في شيء من المصادر منسوبا لزين العابدين، ولا لغيره.

ثانيا:

لا حرج في الدعاء بما ذكرت، لعدم اشتماله على محذور، وقوله: إلهي كيف أدعوك وأنا أنا، أي أنا الفقير المذنب الذي غرته الأماني، وأسرف في الذنوب، ونحو ذلك، وليس المراد منه أنه لن يدعو الله، بدليل أنه سيدعو بعد ذلك ويسأل، وينتظر العطاء، وإنما المراد أنه إذا نظر إلى تقصيره لم يجد نفسه أهلا للدعاء، فإذا نظر إلى عفو الله وكرمه وحلمه، عظم رجاؤه، فسأل الله، وهذا لا حرج فيه، والدعاء مبناه على الافتقار والتذلل والاعتراف بالتقصير من جهة العبد والكرم من جهة الرب، تبارك وتعالى.

وقد وقفنا على هذا الدعاء منشورا في الإنترنت، مضافا إليه أن الداعي يقول ذلك بعد صلاة ركعتين مائة مرة في الثلث الأخير، وهذا التقييد بالعدد والزمن بدعة لا تجوز.

وفي بعض المواقع: أن الدعاء يقال مائة مرة، وهذا التقييد بالعدد بدعة أيضا.

قال الشاطبي رحمه الله: " فالبدعة إذن: عبارة عن طريقة في الدين مخترعة، تضاهي الشرعية، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه … ومنها التزام الكيفيات والهيآت المعينة…

ومنها التزام العبادات المعينة، في أوقات معينة، لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة، كالتزام صيام يوم النصف من شعبان، وقيام ليلته " انتهى من "الاعتصام" (1/ 37).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " وليُعلم أن كل عبادة فإنه يشترط لقبولها شرطان أساسيان:

الشرط الأول: الإخلاص لله عز وجل فيها، بأن لا يحمل الإنسان على فعلها مراءاة الناس أو سماعهم أو شيء من أمور الدنيا.

والثاني: المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولا تتحقق المتابعة إلا إذا كانت العبادة موافقة للشرع في أمور ستة: موافقة للشرع في سببها، وفي جنسها، وفي قدرها، وفي صفتها، وفي زمانها، وفي مكانها.

فإن خالفت الشرع في واحدة من هذه الأمور الستة، لم تكن موافقة له، ولم يتحقق بها اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، وحينئذ لا تكون مقبولة ولا صحيحة، بل تكون مبتدعة إذا قصد الإنسان التعبد لله بها، ولم يثبت أصلها في الشرع" انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (9/ 2).

فمن أراد الدعاء بالكلام المذكور، فلا يقيدْه بعدد ولا زمن؛ فإن التقييد إنما يكون للشارع، ولا يعتقد له فضيلة خاصة.

ولو أن المرء دعا لنفسه بما فتح الله عليه من الدعاء الموافق لحاجته، وتوسل إليه سبحانه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، الملائمة لما دعا به: لكان أحسن له، وأعظم بركة، وأجمع لقلبه، وأدعى إلى قبول دعائه.

والله أعلم
 

الدعاء
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب