عرضت جهاز طباعة حرارية للبيع على موقع إلكتروني تعرض فيه السلع للبيع، دون تحديد كميات أو أنواع دقيقة، بل أشرت فقط إلى بيع المكبس والطابعة مع الورق والحبر ومجموعة من الأكواب، وأرفقت صورًا لجميع الأغراض الموجودة لدي، تواصل معي شخص، ووافق على شراء المعدات بثلاثة أرباع السعر، كنت في البداية أنوي بيع جميع الأكواب الموجودة عندي، لكن بعد تخفيض السعر قررت الاحتفاظ ببعضها للاستفادة منها، كما إن بعض الأكواب كان منها كوب واحد فقط، ولم أرفقه بالصفقة؛ لأنني نسيت مع مرور الوقت أنني قد صورت كل الأكواب في الإعلان، المشتري لم يسأل عن أي تفاصيل إضافية، أو يفحص البضاعة عند حضوره، وبدلاً حاول التفاوض لخفض السعر عن المتفق عليه، بعد استلام الأغراض، اشتكى من وجود أكواب مطبوعة ومن عدد الاكواب، رغم أني لم أحدد إنني سأبيع عددا معينا أو أشكال معينة، فقط ارفقت صورا لجميع الأكواب الموجودة عندي مع عبارة أني أبيع مجموعة من الأكواب مع الجهاز، بالإضافة إلى ذلك، قدمت له طابعة إضافية كهديّة، لم تكن مذكورة في الإعلان؛ ليستفيد منها كقطع غيار.
سؤالي الآن:
هل ظلمته في هذه الصفقة، لا أرغب في الظلم، وإن كنت قد ظلمته فأريد أن أتوب، علمًا بأنني لم أذكر عددًا أو لونًا محددًا للأكواب أو لا شيء آخر في الإعلان، ولم أخفِ عنه أي شيء، أتيح له فحص البضاعة، ولم أمنعه من فحصها، لكنه لم يفحص، أو يستفسر، أو يعترض في أي مرحلة، سواء قبل أو خلال اللقاء؟
الحمد لله.
يشترط لصحة البيع العلم بالمبيع، إما بالرؤية، أو بالوصف.
قال في "الروض المربع"، ص 309 في شروط صحة البيع:
"الشرط السادس: أن يكون (المبيع معلوما) عند المتعاقدين؛ لأن جهالة المبيع غرر ومعرفة المبيع إما (برؤية) له أو لبعضه الدال عليه، مقارنة أو متقدمة بزمن لا يتغير فيه المبيع ظاهرا، ويلحق بذلك ما عرف بلمسه أو شمه أو ذوقه (أو صفة) تكفي في السلَم، فتقوم مقام الرؤية في بيع ما يجوز السلم فيه خاصة" انتهى.
فإذا كان المبيع غير معلوم، لم يصح البيع، وكان ذلك من الغرر المنهي عنه شرعا، وقد روى مسلم (1513) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ) .
وعليه، فالمسألة لها صورتان:
1-أن يكون البيع قد تم على الإنترنت، وهذا الظاهر من سؤالك، والأغلب من بيع الناس في مثل ذلك: فهو بيع بالصفة، فإن كنت صورت جميع الأكواب، بحيث يتبين عددها، فالبيع صحيح، ويلزم الآن إعطاؤه ما نقص، أو التحلل منه، لأن الباقي ملكه، وقد دفع ثمنه، ولا يغني عن ذلك كونك تبرعت له بجهاز، أو خفضت له في الثمن.
وإن كانت الصورة لا يظهر فيها عدد الأكواب، فالصفة غير حاصرة، والمبيع غير معلوم علما تاما، فلا يصح البيع.
وسبيل الإصلاح هنا أن تعيدا البيع، فتقول للمشتري: إن ما تم بيننا لا يعتبر بيعا صحيحا، ولهذا أعيد معك البيع، وقد وصلك مني كذا من الأكواب، وكذا من الأجهزة، وأنا أبيعها لك بكذا، فإن أبى البيع أو ماكسك في الثمن، فلا حرج عليه؛ لأن هذا بيع مستأنف، وهو مبني على التراضي؛ فإما تراضيتما، وإما رد إليك بضاعتك، ورددت عليه ماله.
2-أن يكون البيع إنما تم حين وصلته الأجهزة والأكواب، ورآها وعلم عدد الأكواب، فالبيع صحيح، والمبيع معلوم هنا بالرؤية.
فإن كان لم ير المبيع لكونه في كرتون مثلا، ولم يعلم عدد الأكواب التي فيها، لم يصح البيع، وسبيل التصحيح ما ذكرنا آنفا.
والله أعلم.