هل التَّام، والشديد من أسماء الله الصحيحة؟
الحمد لله.
أولا:
التام: ورد في حديث عد الأسماء، عند ابن ماجه (3861) وهو ضعيف. قال البوصيري في “الزوائد” (4/ 148): “لم يخرج أحد من الأئمة الستة عدد أسماء الله الحسنى من هذا الوجه، ولا من غيره، غيرُ ابن ماجة والترمذيِّ مع تقديم وتأخير…
وإسناد طريق ابن ماجة ضعيف؛ لضعف عبد الملك بن محمد الصَّنْعَانِيّ” انتهى.
وقال الحافظ ابن كثير، رحمه الله: «والذي عول عليه جماعة من الحفاظ أن سرد الأسماء في هذا الحديث مدرج فيه، وإنما ذلك كما رواه الوليد بن مسلم وعبد الملك بن محمد الصنعاني، عن زهير بن محمد: أنه بلغه عن غير واحد من أهل العلم أنهم قالوا ذلك، أي: أنهم جمعوها من القرآن كما رود عن جعفر بن محمد وسفيان بن عيينة وأبي زيد اللغوي، والله أعلم» انتهى، من ” “تفسير ابن كثير” (3/ 515).
وقال الألباني في صحيح ابن ماجه: صحيح دون عد الأسماء.
والحاصل: أن (التامّ) لا يدخل في الأسماء الحسنى.
ثانيا:
الشديد: ورد مضافا في قوله تعالى: وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ الرعد/ من الآية13.
وورد في حديث عدّ الأسماء في طريق الوليد بن مسلم عند الطَّبَرانيِّ، وأبي نُعَيم، وفي طريق عبد الملك بن محمد الصَّنعانيِّ، وهو حديث ضعيف كما تقدم.
وعّده بعض العلماء من الأسماء، منهم: “1- جعفر الصَّادق. 2- سفيان ابن عيينة. 3- ابن منده. 4- ابنِ العربيِّ. 5- القُرطُبيِّ. 6- ابنِ القيِّم. 7- ابن حجر. 8- الشرباصيِّ” انتهى من “معتقد أهل السنة والجماعة في أسماء الله الحسنى” للدكتور محمد بن خليفة التميمي، ص178
والراجح أنه لا يعد من الأسماء.
قال الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف: ” الشِّدَّةُ (بمعنى القوَّة) صفةٌ ذاتيةٌ لله عَزَّ وجَلَّ، ثابتةٌ بالكتاب والسنة.
الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: (وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ)الرعد/ 13.
2- وقوله تعالى: (قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا) القصص/35.
3- وقوله تعالى: (نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ) الإنسان/28.
الدليل من السنة: حديث: (اللهم اشْدُدْ وطأتك على مضر… ) رواه البخاري (2932) ومسلم (675) .
قال الزجاجي في “اشتقاق أسماء الله” ص192: ” الشديد في صفات الله عَزَّ وجَلَّ على ضربين:
أحدهما: أنْ يُرَادَ بالشديد: القويُّ؛ لأنه قد يقال للقوي من الآدميين: شديدٌ، وكأنه في صفات الآدميين، يُذهب به إلى معنى شدة البدن وصلابته وجلده، وذلك في صفات الله عَزَّ وجَلَّ غير سائغ، بل يكون الشديد في صفاته بمعنى القوي حسب، والشديد: خلاف الضعيف.
والآخَرُ: أنْ يُراد بالشديدِ في صفاته عَزَّ وجَلَّ: أنه شديد العقاب، فيرجع المعنى في ذلك في الحقيقة إلى أنَّ عذابَهُ شديدٌ؛ كما قال: {إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} ، ألا ترى أنا إذا قُلنا: زيدٌ كثيرٌ العيال؛ أنَّ المعنى إنما هو وصف عيالهِ بالكثرة، وكذلك إذا قلنا: زيدٌ كثيرٌ المالِ؛ فإنَّما وصفنا مالهُ بالكَثْرةِ، وإنْ كان الخبر قد جَرى عليه لفظاً، وكذلك إذا قلنا: زيدٌ شديد العقاب؛ فإنما وَصَفنا عقابه بالشدَّة، فكذلك مجراه في قولنا: {الله شديد العقاب} : {وشديد العذاب}” اهـ.
وقد عدَّ الزجاجي وابن منده في كتاب التوحيد، ووافقه محققه، (الشَّدِيدَ) من أسماء الله تعالى، ولا يُوافَقُونَ على ذلك” انتهى من “صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة” ص214
وينظر: “معجم المناهي اللفظية” (294).
والحاصل: أن والتام والشديد ليسا من الأسماء الحسنى.
والله أعلم