هل يجوز اشتراط خصم نسبة من الثمن عند فسخ المشتري للبيع؟

17-12-2024

السؤال 539511

أقبلت علي شراء شقه بالتقسيط من الشركة المالكة، وهناك بند في العقد ينص على إنه في حالة فسخ العقد سوف يتم استرداد ما تم دفعه من مقدم وأقساط مع خصم ١٢٪؜ من إجمالي ثمن الوحدة كتعويض اتفاقي، لا رقابة للمحكمة عليه، فهل هذا الشرط يجوز؟ أم إنه شرط ربوي؟

الجواب

الحمد لله.

لا حرج في الاتفاق على أن من يفسخ البيع يدفع مبلغا من المال، أو يخصم مما دفع مبلغ معين من المال، بشرط ألا يوجد ما يوجب الفسخ شرعا كخيار العيب، فإن وجد استحق الفسخ، من غير خصم ولا تعويض.

وذلك لأمرين:

الأول: أن الأصل لزوم البيع، وأنه لا يفسخ إلا برضا الطرفين، فلكل طرف أن يمنع الفسخ من جهته، فإذا اتفقا على أن الفاسخ يدفع مبلغا، فلا حرج؛ لأن الأصل في الشروط الصحة، ما لم يوجد محذور شرعي، والشرط الجزائي جائز في غير الديون؛ لأنه لا محذور فيه.

قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ) رواه أبو داود (3594)، وصححه الألباني في “صحيح أبي داود”.

وقال البخاري في صحيحه: ” وقال ابن عون عن ابن سيرين: قال رجل لكريِّه: ارحَل ركابك، فإن لم أرحل معك يوم كذا وكذا، فلك مائة درهم، فلم يخرج؟ فقال شريح: من شرط على نفسه، طائعا غير مكره: فهو عليه” انتهى من صحيح البخاري، كتاب الشروط، باب ما يجوز من الاشتراط والثنيا في الإقرار.

وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بخصوصه ما يلي: “يجوز أن يُشترط الشرط الجزائي في جميع العقود المالية، ما عدا العقود التي يكون الالتزام الأصلي فيها دينًا؛ فإن هذا من الربا الصريح” وينظر: نص القرار بتمامه في جواب السؤال رقم: (112090).

فإذا شرط البائع أن المشتري لو فسخ العقد دفع كذا من المال، أو خصم من ماله كذا، فلا حرج في ذلك.

وكذا لو شرط المشتري أن البائع لو فسخ العقد، دفع كذا من المال فلا حرج.

الثاني: أنه لو لم يتفق البائع والمشتري على تغريم الفاسخ، ثم أراد أحدهما الفسخ بلا موجِب، جاز للطرف الآخر أن يطلب مبلغا، وهذا من باب الإقالة بأكثر أو أقل من الثمن، وذلك جائز على الراجح.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ” وكذلك ـ أيضاً ـ لو أن البائع طلب من المشتري الإقالة، فقال: أقيلك على أن تعطيني كذا وكذا زيادة على الثمن … القول الراجح: أنها تجوز بأقل وأكثر إذا كان من جنس الثمن؛ لأن محذور الربا في هذا بعيد، فليست كمسألة العينة؛ لأن مسألة العينة محذور الربا فيها قريب، أما هذه فبعيد.

وقد قال ابن رجب ـ رحمه الله ـ في «القواعد»: إن للإمام أحمد رواية تدل على جواز ذلك، حيث استدل ببيع العربون الوارد عن عمر رضي الله عنه، وقال: الإقالة بعوض مثله.

وعليه، فيكون هناك رواية أومأ إليها الإمام أحمد بجواز الزيادة على الثمن والنقص منه.

وهذا هو القول الراجح، وهو الذي عليه عمل الناس، وهو من مصلحة الجميع؛ وذلك لأن البائع إذا أقال المشتري، فإن الناس سوف يتكلمون ويقولون: لولا أن السلعة فيها عيب ما ردها المشتري، فيأخذ البائع عوضاً زائداً على الثمن من أجل جبر هذا النقص” انتهى من “الشرح الممتع” (8/390).

فإذا شرطا ذلك في العقد، فقد أكدا ما هو جائز.

والله أعلم

البيوع
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب