الحمد لله.
أولاً :
يختلف حكم نزول المذي عن نزول المني ، والراجح من أقوال أهل العلم أن نزول المذي لا يبطل الصوم ، لا من الرجل ولا من المرأة ، وقد سبق ذكر أقوال أهل العلم في هذه المسألة في جواب السؤال رقم : ( 49752 ) .
ثانياً :
ينبغي أن يعلم أنه لا يحل لأحد أن يأخذ بقول فلان أو فلان من العلماء لمجرد التشهي ، أو لأن هذا القول يوافق هواه ، والواجب عند اختلاف العلماء هو ما أمر الله تعالى به في قوله : ( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) النساء/59 .
فلا يحل لأحد أن يقول : أنا آخذ بقول فلان من العلماء ، ويصادم بذلك حديثا ثابتاً عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ولذلك قال الإمام الشافعي رحمه الله : أجمع العلماء على أن من استبانت له سنة النبي صلى الله عليه وسلم لم يحل له أن يدعها لقول أحد اهـ . مدارج السالكين (2/335) .
فإذا ثبت الحكم بالدليل الصحيح فلا قول لأحد كائنا من كان .
والقول بأن الاستمناء ومباشرة المرأة حتى الإنزال من مفسدات الصيام هو قول جماهير العلماء ( منهم الأئمة الأربعة : أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد ) واستدلوا بأنه قضاء للشهوة ، والصائم ممنوع من ذلك ، لقول الله تعالى في الحديث القدسي عن الصائم : ( يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي ) رواه البخاري (1894) .
وقد سبق بيان ذلك تفصيلا في جواب السؤال ( 71213) ، (65698) .
ونحن لا ننكر وجود خلافٍ في المسألة ، وقد رأى ابن حزم ورجحه الشيخ الألباني رحمهما الله أن إنزال المني بمباشرة الزوجة لا يفطر ، فإن كان أحدٌ يرى هذا القول عن علم ، ويتبنَّاه تديناً لا اتباعاً لهواه : فإنه لا حرج عليه في ذلك ، لأن الإنسان لا يكلف إلا بما بلغه علمه ، ولكن بشرط أن يكون إنما يرى ذلك على حسب ما ظهر له من الأدلة وأقوال العلماء ، وليس لمجرد الترخص والأخذ بالأسهل .
فلا يجوز لمسلم أن يتتبع زلات العلماء وأخطاءهم ، فإنه بذلك يجتمع فيه الشر كله ، ولهذا قال العلماء : " من تتبع ما اختلف فيه العلماء ، وأخذ بالرخص من أقاويلهم ، تزندق ، أو كاد " انتهى "إغاثة اللهفان" (1/228) .
والزندقة هي النفاق .
وانظر إجابة السؤال رقم (22652) .
فالذي ينصح به السائل أن يكتفي بما اتفق العلماء على جوازه وهو المباشرة باللمس ، والتقبيل دون الإنزال ، احتياطاً للصيام ، وإبراءً للذمة ، وخشيةً من الوقوع فيما هو محرم ومفسد للصيام بالإجماع وهو الجماع .
والله أعلم .