الحمد لله.
يجب على المسلم أن يتمسك بتعاليم دينه ، فيفعل الواجبات ، من الصلاة والصيام وبر الوالدين وصلة الأرحام ، وصدق الحديث وغير ذلك مما أوجبه الله تعالى عليه .
وعليه أن يترك المحرمات ، من الزنا والربا وشرب الخمر وعقوق الوالدين ، والكذب ، والخيانة ، وأكل أموال الناس بالباطل ، وغير ذلك من المحرمات .
هذا هو الواجب على كل مسلم ، ومن امتثل لذلك كان قريبا محبوبا من الله تعالى ، موعودا بدخول جنته ، ونيل كرامته .
وأما من ترك الواجبات أو اقترف المحرمات ، فهذا على قسمين :
الأول : أن تصل به معصيته إلى حد الكفر والشرك بالله ، كالاستهزاء بالدين أو سب الله أو سب رسوله أو جحد شيء من أمور الدين المعلومة ، أو استحلال شيء مما حرم الله ، كأن يستحل الخمر أو الزنا أو أكل لحم الخنزير ، فمن فعل ذلك كان مرتداً عن الإسلام ، لكن إن كان ذلك عن جهل وغفلة فإنه يُعلّم وينصح ويذكّر ، ليتوب إلى الله تعالى ، فإن أصر على ذلك بعد تعليمه ، كان مرتدا خارجا عن الإسلام .
الثاني : أن يرتكب بعض الذنوب التي لا تعد كفرا وشركا ، كالزنا وشرب الخمر من غير استحلال لها ، فهذا إن تاب تاب الله عليه وبدّل سيئاته حسنات ، وإن استمر في عصيانه فإن الله تعالى توعده بعذاب أليم يوم القيامة ، وبعقوبات في الدنيا ، كالفقر والمرض والذل والهزيمة ، مع إقامة الحد عليه ، عند ارتكابه بعض الجرائم كشرب الخمر والزنى ، إذا ثبتت عليه الجريمة ، بشروط لا مجال لذكرها هنا .
والواجب على المسلمين تجاه أصحاب المعاصي هو نصحهم ودعوتهم للتوبة ، وتذكيرهم بخطر المعصية وسوء عاقبتها ، مع بغضهم وكراهيتهم لأجل معاصيهم .
فالمطيع والعاصي لا يستويان عند الله تعالى ، ولا عند عباده المؤمنين ، كما قال سبحانه : ( أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ) ص/28 .
ولكن لما كان العاصي يجمع بين الخير والشر ، والطاعة والمعصية - ورأسُ الخير إيمانُه بالله تعالى - كان من عدل الشريعة ورحمتها أن لا تُهدر حسناته ، ولا تضيع طاعاته ، ولا يُسوى بينه وبين من كفر بالله وألحد وتمرد .
وأما زواج المسلم بالكافرة ، فإنه محرم ، إلا أن تكون الكافرة يهودية أو نصرانية ، فإن الله أباح الزواج منها ، لما في ذلك من احتمال هدايتها وإسلامها ، واتفاقها مع المسلم في مبدأ الإيمان بالله وبالنبوة والرسالة واليوم الآخر ، فزواجها من المسلم ، يدعوها إلى البحث عن الحق ، ويرغبها في ترك ما هي عليه من الكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم وبرسالته .
وخلاصة الجواب :
أن المسلم الذي خرج عن دينه بالكلية مساوٍ للملحد ، أو أسوأ منه .
أما المسلم الذي معه أصل التوحيد والإسلام ، ولكنه يفعل كبائر الذنوب ، وقبائح الأعمال فإنه خير بلا شك من الكافر الملحد ـ مع ما فيه من تقصير ونقص ـ وذلك لأن حسنة التوحيد هي أعظم الحسنات على الإطلاق ، وقد أتى بها ، وما يعمله من الذنوب والمعاصي فهو متوعد عليها بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة إن لم يتداركه الله تعالى برحمته ويعفو عنه .
والله أعلم .