الحمد لله.
أهل السنة والجماعة لا يقابلهم المالكية والشافعية والحنابلة وأمثالهم ، بل يقابلهم أهل البدع والضلال في الاعتقاد والمنهج كالأشعرية والمعتزلة والمرجئة والصوفية وأشباههم .
أما الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة فهي مدارس فقهية ، وأئمتها من أهل السنة والجماعة بل هم من رؤوس أهل السنة والجماعة ، لكن مما يؤسف له أن أتباع أكثر تلك المذاهب والمدارس قد اتبعوا في اعتقادهم أهل البدع والضلال ، فأصبح الكثير من الشافعية والمالكية من الأشعرية ، وأصبح الكثير من الحنفية من الماتريدية ، وقد سلِم الحنابلة – إلا قليلا جدّاً منهم – من الانتساب في العقائد لغير أهل السنة والجماعة .
والأصل في المسلم أن يكون ملتزماً بالكتاب والسنة وعلى فهم وهدي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان , " وأما اتباع مذهب من هذه المذاهب الأربعة أو غيرها فليس بواجب ولا مندوب , وليس على المسلم أن يلتزم واحداً منها بعينه , بل من التزم واحداً منها بعينه في كل مسألة فهو متعصب مخطئ مقلد تقليداً أعمى " انتهى .
"هل المسلم ملزم باتباع مذهب معين من المذاهب الأربعة ؟" للمعصومي (ص 38) .
واتباع المذاهب الفقهية الأربعة لا حرج فيه إذا كان المسلم ليس عنده من العلم ما يستطيع به استنباط الأحكام من الكتاب والسنة , لكن متى ظهر له أن الصواب خلاف مذهبه فالواجب عليه اتباع الصواب وترك مذهبه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" قد ذم الله تعالى في القرآن من عدل عن اتباع الرسل إلى ما نشأ عليه من دين آبائه وهذا هو التقليد الذي حرمه الله ورسوله وهو : أن يتبع غير الرسول فيما خالف فيه الرسول ، وهذا حرام باتفاق المسلمين على كل أحد ; فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق , والرسول طاعته فرض على كل أحد من الخاصة والعامة في كل وقت وكل مكان ; في سره وعلانيته وفي جميع أحواله . . . . وقد أوجب الله طاعة الرسول على جميع الناس في قريب من أربعين موضعا من القرآن .
وتقليد العاجز عن الاستدلال للعالم يجوز عند الجمهور . . . والتقليد المحرم بالنص والإجماع : أن يعارض قول الله ورسوله بما يخالف ذلك كائنا من كان المخالف لذلك " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (19/260-266) .
وأتباع السلف هم الذين استقاموا على الكتاب والسنَّة في اعتقادهم وفِقْهِهِم وسلوكهم ولم يخالفوا ما ثبت في الكتاب والسنة وأجمع عليه سلف الأمة .
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
" المقصود بالمذهب السّلفي هو ما كان عليه سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين والأئمة المعتبرين من الاعتقاد الصّحيح ، والمنهج السّليم ، والإيمان الصّادق ، والتمسُّك بالإسلام عقيدة وشريعة وأدبًا وسلوكًا ؛ خلاف ما عليه المبتدعة والمنحرفون والمخرِّفون .
ومن أبرز من دعا إلى مذهب السّلف الأئمة الأربعة ، وشيخ الإسلام ابن تيميَّة ، وتلاميذه ، والشيخ محمد بن عبد الوهَّاب ، وتلاميذه ، وغيرهم من كلّ مصلح ومجدِّد ، حيث لا يخلو زمان من قائم لله بحجَّةٍ .
ولا بأس من تسميتهم بأهل السنة والجماعة ؛ فرقًا بينهم وبين أصحاب المذاهب المنحرفة ، وليس هذا تزكية للنفس ، وإنما هو من التمييز بين أهل الحق وأهل الباطل " انتهى .
" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 1 / السؤال رقم ( 206 ) ) .
وعليه فإذا جاء للمسلمة من يُرضى دينُه وخلقُه : فإنَّ عليها أن تقبل به ولو لم ينتسب إلى أحد هذه المذاهب ، أما إذا كان المتقدم لها من الفرق الضالة المنحرفة فإنها لا تقبل به .
والله أعلم .