الحمد لله.
إذا كان أهل الطالبة المذكورة ، لو علموا بإسلامها منعوها من الإسلام ، واضطروها للبقاء على الكفر ، وكان تسليمها إليهم يعني احتمال تعرضها للأذى والفتنة ، فلا شك أن ما قام به مدير المدرسة منكر عظيم ، وإثم كبير ، لما قد يترتب على عمله هذا من الضرر لتلك الفتاة المسلمة . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسْلمه ، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة ) رواه البخاري (2310) ومسلم (2580) .
ومعنى : (لا يُسلمه) : أي لا يلقيه إلى الهلكة ، ولا يتركه عند من يؤذيه ، بل ينصره ويدفع عنه . "فتح الباري" (5/97) .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( ما من امرئ يخذل امرءا مسلما في موطن يُنتقص فيه من عرضه , وينتهك فيه من حرمته , إلا خذله الله تعالى في موطن يحب فيه نصرته ، وما من أحد ينصر مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه , وينتهك فيه من حرمته , إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته ) رواه أحمد (16415) وأبو داود (4884) وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (5690) .
وهذا المدير إن كان عاجزا عن نصرتها وتأييدها ، فلا أقل من أن يدعها وشأنها ، دون أن يقع في هذا المنكر العظيم ، نسأل الله العافية .
أما إذا انضم إلى ذلك الإشارة عليها ألا تسلم ، فذلك الكفر الأكبر والخروج من الإسلام .
قال ابن حجر الهيتمي الشافعي رحمه الله في "الإعلام بقواطع الإسلام" (ص 31) : " ومن المكفرات أيضا : أن يرضى بالكفر ولو ضمنا ، كأن يسأله كافر يريد الإسلام أن يلقنه كلمة الإسلام فلم يفعل ، أو يقول له : اصبر حتى أفرغ من شغلي أو خطبتي لو كان خطيبا ، وكأن يشير عليه بأن لا يسلم ، وإن لم يكن طالبا للإسلام فيما يظهر " انتهى .
وقال النووي رحمه الله في "روضة الطالبين" (10/65) : " والرضى بالكفر كفر ، حتى لو سأله كافر يريد الإسلام أن يلقنه كلمة التوحيد فلم يفعل ، أو أشار عليه بأن لا يسلم ، أو على مسلم بأن يرتد فهو كافر " انتهى .
والواجب على كل من علم بحال هذه الفتاة من المسلمين أن يسعى لرفع الظلم عنها وتمكينها من اعتناق الإسلام ، وأداء شعائره ، وإبلاغ السلطات بما يمكن أن يقع عليها من الأذى لصرفها عن الإسلام ، نسأل الله أن يوفقها ويثبتها على الحق ، ويصرف عنها السوء بما شاء ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
والله أعلم .