الحمد لله.
يلزم هذه المرأة أن تعتد من طلاق زوجها ، وتبدأ في حساب العدة من أول حصول الطلاق .
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : رجل تغيب عن زوجته في السفر لمدة عشرين سنة ، وبعد هذه المدة أرسل لها طلاقها بالخلع طلاقاً صحيحاً ، وتريد هذه المرأة أن تتزوج فهل عليها عدة ؟ حيث إن زوجها سافر عنها من مدة عشرين سنة ولم يباشرها . وهل العدة لاستبراء الرحم أم لغير ذلك ؟
فأجاب : " إذا كان الواقع كما ذكرتم فلا ريب أن عليها العدة ؛ لأن العدة لا تكون إلا بعد الطلاق ولو طالت غيبة الزوج عن المطلقة ؛ لقول الله سبحانه : ( وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ) .
أما الحكمة في ذلك فقد ذكر العلامة ابن القيم رحمه الله في كتاب " إعلام الموقعين " بحثاً نفيساً في هذا الموضوع ، كما ذكر أن الحكمة لا تختص بقصد براءة الرحم بل هناك حِكَمٌ أخرى ؛ ولهذا وجبت العدة على المتوفى عنها زوجها وإن لم يدخل بها ، وإن كانت صغيرة ليست ممن يُظن بها الحمل ، وهكذا الآيسة ؛ وبذلك يُعلم أن لله سبحانه حِكماً في العِدد سوى براءة الرحم ، لكن إذا كانت المرأة التي ذكرتم قد بذلت له مالاً فطلقها على ذلك فإنها تكون بذلك مختلعة ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن المختلعة يكفيها حيضة واحدة ، وقد أفتى بذلك عثمان بن عفان رضي الله عنه وجماعة من السلف والخلف ، واختار ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم رحمة الله عليهما وهو الصواب إن شاء الله ، ولاسيما إذا دعت الحاجة إلى ذلك خوفاً من فوات الكفؤ إذا طُلِب منه الانتظار إلى مضي ثلاث حِيض أو ثلاثة أشهر في حق الآيسة ونحوها ، وأسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم وسائر إخواننا للفقه في دينه والثبات عليه إنه جواد كريم "
انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (22/174) .
والله أعلم .