شهود الجماعة في مسجد تتكشف فيه النساء في الوضوء
في بلدنا المسلم وبمعظم المساجد عندنا ، عندما أخرج للصلاة بالمسجد أرى بعض النساء بالمسجد يدخلن معي ويقمن بخلع أحذيتهن أمام الرجال وكذلك عند الوضوء يقمن بتشمير أرجلهن وأيديهن ويقفن بجوار الرجال للوضوء ، ماذا أفعل ؟ أأصلي بالبيت أم أترك المسجد ؟ وخاصة أننا نحن الشباب نعاني من الشهوة بشدة .
الجواب
الحمد لله.
شهود الجماعة مع المسلمين واجب ، كما بينا في إجابات عديدة ؛ فانظر رقم (8918
، و 120 ) ،
فلتحرص ـ أخي الكريم ـ على الجماعة في المسجد الذي يؤذن لها فيه .
ولتحرص على الوضوء في منزلك أو مكان عملك ، وإن اضطررت للوضوء في المسجد فعليك بغض
بصرك وتحري البعد عن أماكن تواجد النساء، فإن الله تعالى يقول : ( قُلْ
لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ
أَزْكَى لَهُمْ) النور/30.
كما نوصي المرأة المؤمنة أن تتقي الله في قدومها للمسجد ، وأن تعلم أنها أتت لبقعة
هي من أشرف بقاع الأرض لتؤدي عبادة من أعظم العبادات؛ فلا يليق بها أن تعصي ربها
بكشف ما أمرها بتغطيته ، كما لا يصلح لها مزاحمة الرجال في أماكن وضوئهم ، وإذا لم
تجد مكانا تتوضأ فيه فلتصل في منزلها فهو خير لها وأعظم لأجرها ، كما في سنن أبي
داود (570) وغيره ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه ، عَنْ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي حُجْرَتِهَا
وَصَلَاتُهَا فِي مَخْدَعِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي بَيْتِهَا )
وصححه الألباني في صحيح أبي داود
.
قال في عون المعبود : ( صَلَاة الْمَرْأَة فِي بَيْتهَا ) : أَيْ الدَّاخِلَانِيّ
لِكَمَالِ سِتْرهَا ( أَفْضَل مِنْ صَلَاتهَا فِي حُجْرَتهَا ) : أَيْ صَحْن
الدَّار . قَالَ اِبْن الْمَلَك : أَرَادَ بِالْحُجْرَةِ مَا تَكُون أَبْوَاب
الْبُيُوت إِلَيْهَا وَهِيَ أَدْنَى حَالًا مِنْ الْبَيْت ( وَصَلَاتهَا فِي
مَخْدَعهَا ) : هُوَ الْبَيْت الصَّغِير الَّذِي يَكُون دَاخِل الْبَيْت الْكَبِير
يُحْفَظ فِيهِ الْأَمْتِعَة النَّفِيسَة , مِنْ الْخَدْع وَهُوَ إِخْفَاء الشَّيْء
أَيْ فِي خِزَانَتهَا ( أَفْضَل مِنْ صَلَاتهَا فِي بَيْتهَا ) لِأَنَّ مَبْنَى
أَمْرهَا عَلَى التَّسَتُّر .
وفي سنن الترمذي (1173) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه ، عَنْ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ
فَإِذَا خَرَجَتْ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ ) .
زاد ابن خزيمة (1686) والطبراني (9481) : ( وإنها لا تكون إلى وجه الله أقرب منها
في قعر بيتها ) ، وصححه الألباني في السلسلة
الصحيحة (2688)
ولا يجوز للمرأة المسلمة أن تؤذي المسلمين بكشف ما أوجب الله عليها ستره من اليدين
والرجلين ، والله تعالى يقول : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ
وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ
ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً
رَحِيماً) الأحزاب/59
وليس لها أن تزاحم الرجال في أماكنهم ، ولا أن تؤذيهم بمخالطتهم على وجه لا يجوز ،
أو يوقعهم في الحرج .
روى أبو داود (5272) عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ
أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ
وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الْمَسْجِدِ ، فَاخْتَلَطَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِي
الطَّرِيقِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لِلنِّسَاءِ :
( اسْتَأْخِرْنَ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ [ يعني : أن
يمشين في وسطه ] ؛ عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ .
فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تَلْتَصِقُ بِالْجِدَارِ حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهَا
لَيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ مِنْ لُصُوقِهَا بِهِ )
حسنه الألباني في صحيح أبي داود
.
وإذا كان هذا في حال المشي في الطريق ، الذي تكون المرأة فيه كاملة الحجاب ، شادَّة
عليها ثيابها ، فكيف بحال الوضوء ، والتشمير عن السوق والأذرع ؟!!
والخلاصة : أنه ينبغي عليك أن تتجنب مواطن الفتنة والاختلاط ، ما استطعت إلى ذلك
سبيلا ، واختر لنفسك أبعد المساجد عن أن تطرقها النساء ، أو تكشف فيها عن شيء من
عوراتهن ، واجتهد في أن تتوضأ في بيتك ، بعداً عن أماكن الفتنة .
والله تعالى أعلم