أنهيت نسك العمرة في رمضان .. وقمت بقص شعري .. مرة من الأمام ومرة من الخلف ومن اليمين والشمال ...هل تكون العمرة صحيحة أم ماذا ؟؟.
الحمد لله.
أولا :
لا خلاف بين الفقهاء في أفضلية حلق جميع الرأس على التقصير ، لما ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حلق جميع رأسه ، ودعا للمحلقين ثلاثا ، وللمقصرين مرة واحدة .
انظر : الموسوعة الفقهية (18/98).
واختلفوا في أقل ما يجزئ من الحلق أو التقصير: فذهب المالكية والحنابلة إلى أنه لا يجزئ حلق بعض الرأس , لأن النبي صلى الله عليه وسلم حلق جميع رأسه ، فكان تفسيرا لمطلق الأمر بالحلق . فوجب الرجوع إليه .
وذهب الحنفية إلى أن المجزئ حلق ربع الرأس , فإن حلق أقل من ربع الرأس لم يجزئه .
وقال الشافعية : أقل ما يجزئ ثلاث شعرات حلقا أو تقصيرا من شعر الرأس .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (3/196) : " يلزم التقصير أو الحلق من جميع شعره ، وكذلك المرأة . نص عليه [ أي الإمام أحمد ] ، وبه قال مالك . وعن أحمد , يجزئه البعض ... وقال الشافعي : يجزئه التقصير من ثلاث شعرات . واختار ابن المنذر أنه يجزئه ما يقع عليه اسم التقصير ; لتناول اللفظ له . ولنا قول الله تعالى : ( مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ ) وهذا عام في جميعه ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم حلق جميع رأسه ، تفسيرا لمطلق الأمر به ، فيجب الرجوع إليه " انتهى .
وقال في "التاج والإكليل" (مالكي) (4/181) : " ومن حلق رأسه أو قصره فليعم بذلك رأسه كله ، ولا يجزيه الاقتصار على بعضه " انتهى .
ولاشك أن هذا القول هو الأحوط وأنه لا ينبغي الاقتصار على أخذ شعر من الأمام ومن الخلف واليمين والشمال كما فعلت .
ثانيا :
من أخذ من بعض شعره فقط ، يُنظر في حاله :
فإن كان فعل ذلك اتباعا لمن أفتاه من أهل العلم بذلك ، فلا شيء عليه .
وإن كان فعل ذلك من نفسه ، ففعله غير مجزئ ، وهو باقٍ على إحرامه لم يتحلل منه ، فيلزمه الآن أن ينزع ثيابه ( المخيطة ) ، وأن يحلق أو يقصر من جميع رأسه ، وبهذا يكون قد تحلل ، ولا شيء عليه في المحظورات التي ارتكبها في تلك المدة ؛ لجهله .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن رجل قصر شعره من جانب واحد بعد العمرة ، ثم رجع إلى أهله وتبين له أن فعله غير صحيح ، فماذا عليه ؟ أجاب: " إن فعل هذا الأمر جاهلاً فالواجب عليه أن يخلع ملابسه الآن ( ويلبس إحرامه ) ويحلق حلقاً كاملاً أو يقصر ، ويكون ما فعله في محل العفو ؛ لأنه كان جاهلاً ، والحلق أو التقصير لا يشترط أن يكون في مكة ، بل يكون في مكة وفي غيرها . أما إن كان ما فعله بناءً على فتوى من أحد العلماء ، فليس عليه شئ ؛ لأن الله يقول : ( فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) النحل/43 ، وبعض العلماء يرى : أن التقصير من بعض الرأس كالتقصير من كل الرأس " انتهى من "اللقاء الشهري" رقم 10 .
والله أعلم .