الحمد لله.
أولاً :
إنا لله وإنا إليه راجعون . هذا هو نتيجة الاختلاط والتساهل في إقامة العلاقات المحرمة بين الرجال والنساء ، وكم جَرَّ هذا التساهل علينا من مصائب وأحزان وآلام ، يكتوي بنارها مَنْ ابتليت في عرضها ، وفقدت شرفها ، ثم تركها الذئب على قارعة الطريق ، فلم تعد صالحة له ، وهيهات أن يثق فيها وقد قبلت الخيانة ، وهو غير مستعد للزواج أصلا ، وإنما الهدف هو المتعة الرخيصة ، وقضاء الوقت مع المغفلة المسكينة .
ويكتوي بنارها أهلها إذا افتضح أمرها ، ويكتوي بنارها كل مؤمن في قلبه حياة ، يسمع مثل هذه المآسي والآلام ، ويكتوي بنارها المجتمع كله إذا انتشرت الفاحشة وعمَّت الرذيلة .
ثانياً :
نحمد الله أنك قد تبت من هذه الأفعال الشنيعة ، ونسأله سبحانه أن يتقبل منك ، وأن يعفو عنك ، وأن يصرف عنك السوء والفحشاء . لكن ما حدث معك عبرة لغيرك ، وكم نادى العلماء والدعاة والمصلحون بضرورة الحذر من فتنة الرجال بالنساء ، والنساء بالرجال ، وأهمية الوقوف عند حدود الله تعالى في الكلام والاستماع والنظر والمصافحة والخلوة ، حتى تحفظ الأعراض ، وتصان الفروج ، في حين ظل دعاة الرذيلة يهونون من هذا الأمر ، ويرخصون فيه ، ويدعون إليه ، ويسمونه تحررا وتمدنا ورقيا ، والأمر كما قال الله : ( وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً ) النساء/27.
والمهم أن تستمري في التوبة والندم ، وأن تكثري من التضرع واللجوء إلى الله ، لعل الله أن يتجاوز عنك ، ويسترك في الدنيا والآخرة .
ولا حرج عليك في قبول الزواج من هذا الرجل التقي الذي تقدم لخطبتك ، ما دمت قد تبت إلى الله تعالى مما اقترفت ، ولا يلزمك إخباره بشيء مما مضى ، بل لا يجوز لك إخباره ، واستتري بستر الله تعالى ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عز وجل عنها ، فمن ألمّ فليستتر بستر الله عز وجل ) رواه البيهقي وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (663) .
وروى مسلم (2590) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لا يَسْتُرُ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ فِي الدُّنْيَا إِلا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ).
وهذا من البشارة للتائب الذي ستره الله تعالى في الدنيا ، أن الله سيستره في الآخرة ، والمهم ألا يتمادى ، وأن لا يغتر بعفو الله وحلمه ، فإن الله لو شاء أن يفضحه لفضحه ، وهو سبحانه يمهل ولا يهمل .
والله أعلم .