الحمد لله.
أولا :
إذا كان الأمر كما ذكرت ، فإن جدك لا تجب عليه الصلاة ؛ لاختلال عقله ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ : عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ ، وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ ، وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ ) رواه أبو داود (4403) والترمذي (1423) والنسائي (3432) وابن ماجه (2041) قَالَ أَبُو دَاوُد : رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَادَ فِيهِ : ( وَالْخَرِفِ ).
والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود .
والخرف هو فساد العقل بسبب كبر السن ، وقد ذكر في "عون المعبود" ضعف هذه الرواية التي فيها ذكر " الخرف" من حيث الإسناد ، إلا أنه ذكر عن السبكي ما يفيد أن معناها صحيح ، قَالَ السُّبْكِيّ : الخرف زَائِد عَلَى الثَّلَاثَة ، وَهَذَا صَحِيح ، وَالْمُرَاد بِهِ الشَّيْخ الْكَبِير الَّذِي زَالَ عَقْله مِنْ كِبَر ؛ فَإِنَّ الشَّيْخ الْكَبِير قَدْ يَعْرِض لَهُ اِخْتِلاط عَقْل يَمْنَعهُ مِنْ التَّمْيِيز ، وَيُخْرِجهُ عَنْ أَهْلِيَّة التَّكْلِيف ، وَلا يُسَمَّى جُنُونًا ; لأَنَّ الْجُنُون يَقْبَل الْعِلاج وَالْخَرَف بِخِلافِ ذَلِكَ , وَلِهَذَا لَمْ يَقُلْ فِي الْحَدِيث : ( حَتَّى يَعْقِل ) لأَنَّ الْغَالِب أَنَّهُ لا يَبْرَأ مِنْهُ إِلَى الْمَوْت , وَلَوْ بَرِئَ فِي بَعْض الأَوْقَات بِرُجُوعِ عَقْله تَعَلَّقَ بِهِ التَّكْلِيف " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله مبينا أن الخرف يرفع التكليف : " لا يجب الصوم أداءً إلا بشروط : أولها : العقل. الثاني : البلوغ. الثالث : الإسلام. الرابع : القدرة. الخامس : الإقامة. السادس : الخلو من الحيض والنفاس بالنسبة للنساء.
- الأول : العقل وضده فقد العقل ، سواءً بجنون أو خرف يعني : هرم ، أو حادث أزال عقله وشعوره ، فهذا ليس عليه شيء ؛ لفقد العقل ، وعلى هذا فالكبير الذي وصل إلى حد الهذرمة ليس عليه صيام ولا إطعام ؛ لأنه لا عقل له ، وكذلك من أغمي عليه بحادث أو غيره فإنه ليس عليه صوم ولا إطعام ؛ لأنه ليس بعاقل " انتهى من "لقاء الباب المفتوح".
والحاصل أن من وصل إلى مرحلة الخرف ، وأصبح لا يدرك الوقت ، ولا يميز بين الصلوات ، فهذا لا تجب عليه الصلاة .
ثانيا :
إذا قامت والدتك بما يحتاجه جدك من طعام وشراب وغيره ، وغلب على ظنها أن نداءه لها ، ليس لحاجة ، وإنما هو بسبب ما اعتراه من الكبر ، فلا حرج عليها في ترك إجابته ، لاسيما مع حصول المشقة بذلك .
والله أعلم .