تزوجنا منذ 6 أشهر وعندنا مشكلة تتعلق بتنظيم عملية الجماع فهو عنده رغبة قوية جداً وحاولت أن أوفي باحتياجاته لكنني لم أستطع وأصبحت مرهقة وبدنياً غير قادرة على ذلك.
وزوجي وجد أن الموقف سيء وهو ينفصل عني في المنزل . أعلم أن واجبي هو إشباع رغباته لكن ما هي واجباتنا نحو بعضنا البعض ؟
إذا كان أحدنا لا يستطيع مجاراة الآخر رغم نية إرضاء الطرفين : هل يجوز لزوجي أن ينفصل عني بهذه الطريقة؟ وهل يحق له أن يأتي إلي من أجل هذه العلاقة رغم أننا لم نتكلم سوياً ؟
نحن ولله الحمد بالرغم من هذا سعداء مع بعضنا ونحب بعضنا ويحترم كل منا الآخر. ولكننا نريد حلاً إسلامياً لإزالة هذه المشكلة من حياتنا.
الحمد لله.
الواجب على الزوج أن يعاشر امرأته بالمعروف ، ومن المعاشرة بالمعروف : الجماع ، وهو واجب عليه ، وقد قدَّر جمهور العلماء المدة التي لا يحل للزوج أن يترك الجماع بها أربعة أشهر ، والأصح أن ذلك لا يتحدد بمدة بل الواجب عليه ان يطأها بقدر كفايتها .
قال ابن قدامة رحمه الله :
والوطء واجب على الرجل إذا لم يكن له عذر ، وبه قال مالك .
" المغني " ( 7 / 30 ) .
وقال الجصَّاص :
إن عليه وطأها بقوله تعالى : فتذروها كالمعلَّقة يعني : لا فارغة فتتزوج ، ولا ذات زوج ، إذا لم يوفها حقها من الوطء .
" أحكام القرآن " ( 1 / 374 ) .
وقال شيخ الإسلام رحمه الله :
ويجب على الزوج وطء امرأته بقدر كفايتها ، ما لم ينهك بدنه ، أو يشغله عن معيشته ، غير مقدَّر بأربعة أشهر ...
" الاختيارات الفقهية " ( ص 246 ) .
ويجب على المرأة أن تطيع زوجها إذا دعاها للفراش ، فإن أبت فهي عاصية .
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح " .
رواه البخاري ( 3065 ) ومسلم ( 1436 ) .
قال شيخ الإسلام :
يجب عليها أن تطيعه إذا طلبها إلى الفراش وذلك فرض واجب عليها .. .. فمتى امتنعت عن إجابته إلى الفراش كانت عاصية ناشزة ... ، كما قال تعالى : واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا .
" الفتاوى الكبرى " ( 3 / 145 ، 146 ) .
ولا يجوز للزوج أن يحمِّل امرأته ما لا طاقة لها به من الجماع ، فإذا كانت معذورة لمرض أو عدم تحمل لم تأثم من رفضها للجماع .
قال ابن حزم :
وفرض على الأمة والحرة أن لا يمنعا السيد والزوج الجماع متى دعاهما ما لم تكن المدعوة حائضا أو مريضة تتأذى بالجماع أو صائمة فرض فإن امتنعت لغير عذر فهي ملعونة .
" المحلى " ( 10 / 40 ) .
وقال البهوتي :
( وللزوج الاستمتاع بزوجته كل وقت ... ما لم يشغلها عن الفرائض أو يضرها ) فليس له الاستمتاع بها إذن لأن ذلك ليس من المعاشرة بالمعروف وحيث لم يشغلها عن ذلك ولم يضرها فله الاستمتاع .
" كشاف القناع " ( 5 / 189 ) .
وللزوجة التي يضرها زوجها بكثرة الجماع أن تصطلح مع زوجها على عدد معين تتحمله ، فإن زاد حتى ضرها ذلك فلها أن ترفع أمرها للقاضي ، فيحكم القاضي بعدد معين يلزم الزوج والزوجة به .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
ويجب على الزوج وطء امرأته بقدر كفايتها ، ما لم ينهك بدنه ، أو يشغله عن معيشته ، غير مقدَّر بأربعة أشهر ...
فإن تنازعا : فينبغي أن يفرضه الحاكم كالنفقة ، وكوطئه إذا زاد .
" الاختيارات الفقهية " ( ص 246 ) .
وحيث لا يوجد الآن في بلدكم قضاء شرعي فعلى الزوجة أن تحاول الاتفاق مع زوجها حول هذا الأمر ، ولتكلمه بصراحة وتذكره بالآيات والأحاديث التي تأمر الزوج بحسن المعاشرة مع زوجته ، وتبين له أنها لم تمتنع عنه إلا لما يصيبها من الضرر ، وأنها حريصة كل الحرص على طاعته وتلبية رغبته والنصيحة للأخت السائلة أن تصبر على زوجها ، وتتحمل الأمر قدر استطاعتها ، ولتعلم أنها مثابة مأجورة على ذلك من الله تعالى .
وعلى الزوج أن يتقي الله تعالى في امرأته ، ولا يحملها ما لا طاقة لها به ، وليحسن إلى امرأته ، وليعاشرها بالمعروف ، فإذا كانت شهوته قوية بحيث لا تكفيه زوجة واحدة فلماذا لا يحاول البحث عن حل لهذه المشكلة التي قد تكون سبباً لإفساد العلاقة بينه وبين زوجته ، أو لما هو أخطر من ذلك وهو أن يتجه لإشباع شهوته بطريق محرم .
ومن هذه الحلول التي قد تساعد على حل هذه المشكلة أن يتزوج بأخرى ، فقد أباح الله تعالى للرجل أن يتزوج بأربع بشرط أن يعدل بينهن ، ومن الحلول أيضاً : أن يكثر من الصيام ، فإن الصيام يقلل من الشهوة ، ومنها أيضاً : أن يتناول أدوية تخفف من شهوته بشرط ألا يكون في ذلك ضرر عليه .
والله تعالى المسؤول أن يصلح أحوال المسلمين .
والله أعلم .