طلق صديقي زوجته في حالة غضب. طلقها ثلاث طلقات في هذه المرة الواحدة. وقد قرأت على الإنترنت أن الثلاث طلقات تحسب واحدة فهل هذا صحيح؟ وقرأت أن الغضب ثلاثة أنواع فهل هذا صحيح أيضا؟
الحمد لله.
أولا :
اختلف الفقهاء في طلاق الثلاث ، والراجح أنه يقع واحدة ، سواء تلفظ بها بكلمة واحدة كقوله : أنت طالق ثلاثا ، أو تلفظ بها بكلمات متفرقة ، كقوله : أنت طالق أنت طالق أنت طالق ، وهذا ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، ورجحه الشيخ السعدي رحمه الله ، والشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
واستدلوا بما رواه مسلم (1472) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : كَانَ الطَّلَاقُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَسَنَتَيْنِ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ طَلَاقُ الثَّلَاثِ وَاحِدَةً فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِنَّ النَّاسَ قَدْ اسْتَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ قَدْ كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ أَنَاةٌ فَلَوْ أَمْضَيْنَاهُ عَلَيْهِمْ فَأَمْضَاهُ عَلَيْهِمْ )
ثانيا :
المطلّق في الغضب له ثلاثة أحوال :
1- إن كان غضبه يسيرا بحيث لا يؤثر على إرادته واختياره فطلاقه صحيح واقع .
2- وإن كان غضبه شديداً بحيث صار لا يدري ما يقول ولا يشعر به فهذا طلاقه لا يقع لأنه بمنزلة المجنون الذي لا يؤاخذ على أقواله .
وهذان الحالان للغضب لا خلاف في حكمهما بين العلماء ، وبقيت حال ثالثة ، وهي :
3- الغضب الشديد الذي يؤثر على إرادة الرجل فيجعله يتكلم بالكلام وكأنه مدفوع إليه ، ثم ما يلبث أن يندم عليه بمجرد زوال الغضب ، ولكنه لم يصل إلى حد زوال الشعور والإدراك ، وعدم التحكم في الأقوال والأفعال ، فهذا النوع من الغضب قد اختلف العلماء في حكمه ، والأرجح – كما قال الشيخ ابن باز رحمه الله - أنه لا يقع أيضاً ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا طَلاقَ وَلا عَتَاقَ فِي إِغْلاقٍ ) رواه ابن ماجه (2046) وصححه الألباني في الإرواء (2047) . والإغلاق فسره العلماء بأنه الإكراه والغضب الشديد .
وهذا القول اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وتلميذه ابن القيم ، وألف فيه رسالة مشهورة اسمها : إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان .
وانظر جواب السؤال رقم (45174)
وبناء على هذا القول ، فإن كان صديقك قد تكلم بالطلاق في حالة غضب شديد ، فلا يقع عليه شيء من الطلاق ، وإن كان غضبه يسيراً وقعت طلقة واحدة .
والله أعلم .