شروط جواز احتجام النساء عند الرجال
أنا شاب عندي 24 سنة ، أجيد - بفضل الله - إجراء الحجامة ، يسألني البعض إجراء الحجامة لنسائهم ، أو أخواتهم ، لكنني أمتنع ، ويلحون عليَّ ، متحججين بما يفعله الأطباء في عصرنا الحالي .
فهل يجوز أن أجري الحجامة لهن ؟
الجواب
الحمد لله.
الحجامة نافعة بإذن الله تعالى في الوقاية والعلاج ، وهي مما رغَّبت الشريعة بفعله
للرجال والنساء ، وقد جاء في السنة النبوية الصحيحة الإخبار بأن فيها شفاء ، ووقاية
، وثبت احتجام النبي صلى الله عليه وسلم ، وثبت احتجام أم المؤمنين أم سلمة رضي
الله عنها .
فعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ اسْتَأْذَنَتْ رَسُولَ اللهِ صلى
الله عليه وسلم فِي الْحِجَامَةِ ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَبَا
طَيْبَةَ أَنْ يَحْجُِمَهَا .
قَالَ : حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ : كَانَ أَخَاهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ ، أَوْ
غُلاَمًا لَمْ يَحْتَلِمْ . رواه مسلم (
2206 ).
والأصل أن يقوم الرجل بحجم الرجل ، والمرأة بحجم المرأة ، وليست الحجامة من الأعمال
التي يصعب تعلمها وممارستها للنساء .
ولو فُرض عدم توفر من يقوم بالحجامة للنساء ممن هو من بنات جنسها : فإنه يجوز للرجل
أن يباشر حجامة النساء ، لكن بشروط ، وهي :
1. أن تكون هناك حاجة أو ضرورة للعلاج بالحجامة .
2. أن لا تحصل خلوة بين الرجل والمرأة التي يعالجها ، فإما أن يوجد أحد محارمها أو
امرأة من محارم الرجل المعالج أو امرأة أخرى بشرط أن تكون الفتنة مأمومة .
3. أن لا يكشف الحجَّام عن أكثر من الموضع المراد حجمه ، فحيث جاز لها المعالجة
للضرورة فإن الضرورة تقدَّر بقدرها .
4. أن لا يمس الحجام شيئاً من بدن المرأة ، بل يلبس القفازين بحيث يكون هناك حائل
بينه وبين مس بدنها ، إلا أن يضطر للمس .
5. أن يقدّم الحجام المسلم على غيره ، ويقدم غير البالغ – إن وُجِد – على البالغ .
6. أن يكون الحجَّام مأمون الجانب من حيث خُلُقُه ، وأمانتُه ، فإن كان معروفاً
بفسق أو فجور : لم يجز الاحتجام عنده .
7. أن يأمن الحجام من فتنته بالنساء ، أو فتنة النساء به ، فإن شعر بشيء من ذلك وجب
عليه الامتناع عن معالجة النساء .
وهذه نقول لبعض أهل العلم في المسألة :
أ. بوَّب الإمام أبو حاتم بن حبان في كتابه " التقاسيم والأنواع " على حديث احتجام
أم سلمة بقوله :
" ذِكر الأمر للمرأة أن يحجمها الرجل ، عند الضرورة ، إذا كان الصلاح فيهما موجوداً
" .
مع التنبيه أن بعض العلماء ردَّ قول أحد رواة حديث أم سلمة : إن أبا طيبة كان أخاها
من الرضاعة ، أو كان غلاماً لم يبلغ الحلم ، ومن هؤلاء العلماء : ابن حزم في كتابه
" المحلى " ( 10 / 33 )
.
ب. قال الشربيني الخطيب الشافعي رحمه الله وهو يذكر أقسام نظر الرجل إلى المرأة :
" النظر للمداواة كحجامة وعلاج ، ولو في فرج ، فيجوز إلى المواضع التي يحتاج إليها
فقط ؛ لأن في التحريم حينئذ حرجاً ، فللرجل مداواة المرأة ، وعكسه ، وليكن ذلك
بحضرة محرم ، أو زوج ، أو امرأة ثقة ، ويشترط عدم امرأة يمكنها تعاطي ذلك ، وأن لا
يكون ذميا مع وجود مسلم ، ولو لم نجد لعلاج المرأة إلا كافرة ومسلما: فالظاهر أن
الكافرة تقدم لأن نظرها ومسها أخف من الرجل.... وقيد في " الكافي " الطبيب بالأمين
، فلا يعدل إلى غيره مع وجوده ، وشرط الماوردي أن يأمن الافتتان ولا يكشف إلا قدر
الحاجة " انتهى باختصار.
" الإقناع " ( 2 / 69 )
.
ج. وقال الشربيني الخطيب – أيضاً – في سياق ذِكر من يطلع على عورة المرأة للضرورة -
:
" رتب البُلقيني ذلك فقال : فإن كانت امرأة : فيعتبر وجود امرأة مسلمة ، فإن تعذرت
: فصبي مسلم غير مراهق ، فإن تعذر : فصبي غير مراهق كافر ، فإن تعذر : فامرأة كافرة
، فإن تعذرت : فمحرمها المسلم ، فإن تعذر : فمحرمها الكافر ، فإن تعذر : فأجنبي
مسلم ، فإن تعذر : فأجنبي كافر " انتهى .
" مغني المحتاج " ( 4 / 216 ، 216 )
.
د. وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
عن حكم كشف عورة المرأة للرجل عند الحاجة لذلك حال العلاج ، وكذلك عورة الرجل
للمرأة ؟ وإذا كان لا يوجد إلا طبيبة نصرانية وطبيب مسلم ؟ .
فأجاب :
" كشف عورة الرجل للمرأة ، والمرأة للرجل عند الحاجة لذلك حال العلاج : لا بأس به
بشرطين :
الشرط الأول : أن تؤمن الفتنة .
الشرط الثاني : أن لا يكون هناك خلوة .
والطبيبة النصرانية المأمونة أولى في علاج المرأة من الرجل المسلم ؛ لأنها من جنسها
بخلاف الرجل .
والله المسئول أن يصلح أحوال المسلمين " انتهى .
" مجموع فتاوى ابن عثيمين " ( 12 / السؤال
رقم 175 ) .
وانظر جواب السؤال رقم (5693)
.
والله أعلم