هل يتزوج الخادمة ويكون وليها كفيلها ؟
رجل لديه زوجة مريضة بمرض مزمن ، وله منها ثلاثة أولاد , وعمله في مكان بعيد عن أهله ، والزوجة قد تمر بها حالات فتنوّم في المستشفى لعدة أيام ، والرجل يصبح ضائعاً بين أولاده وعمله ، فقرر جلب خادمة أمينة , ووجد خادمة كانت تعمل عند قوم ، ووصفوها بالأمانة في الشغل ورعاية الأطفال ، وجلست عنده مدة ، ووجدها كما تم وصفها ، لكنه يقول إنه لا يستطيع أن يفرض عليها الحجاب , وقد يقع نظره عليها ، وكذلك قد تبقى زوجته في المستشفى فيصيرون في خلوة ، فيسأل هل له أن يتزوجها - وخاصة أنها مطلقة - ؟ وليست له نية تطليقها ما دامت موجودة ، وسمع من أحد الشيوخ أن الكفيل هو ولي الخادمة ، فهل يزوجها لنفسه سرّاً عن زوجته ، وبشهود ؛ لدرء الفتنة التي يخاف أن تقع ؟ أم ماذا يفعل ؟
الجواب
الحمد لله.
أولاً:
الخدم الذين يعملون في البيوت لا يأخذون حكم الأرقاء والإماء ، بل حكمهم حكم الأجير
الخاص الذي استُؤجر ليعمل عند المستأجِر فقط ، كالموظف .
وقد تقدم الكلام عن الخادمات وحكم إحضارهن من بلادهن ، والمحاذير التي يقع فيها أهل
البيوت التي تعمل فيها الخادمات ، وذلك عند الجواب على السؤال رقم (
26282 ) .
ثانياً:
لا نعلم أحداً من أهل العلم قال بأن الخادمة يكون وليها كفيلها ، والخادمة حرَّة ،
فوليها والدها ، أو ابنها ، أو أخوها ، أما وكفيلها فهو أجنبي عنها لا ولاية له
عليها .
ثالثاً:
لا يجوز لمن تعاقد مع خادمة على العمل في بيته أن ينظر إليها ، أو أن يخلو بها ؛
فهي أجنبية عنه ، وهو أجنبي عنها ، ينطبق عليها ما ينطبق على غيرها من النساء
الأجنبيات .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
" الخادمات خطرهن عظيم ، والبلية بهن كبيرة ، فلا يجوز للمسلم أن يخلو بالأجنبية
سواء كانت خادمة ، أو غيرها ، كزوجة أخيه ، وزوجة عمه ، وأخت زوجته ، وزوجة خاله ،
وغير ذلك , ولا يخلو بامرأة من جيرانه ، ولا غيرهن من الأجنبيات
.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يخلون رجل بامرأة ؛ فإن الشيطان ثالثهما ) ،
فليس له أن يخلو بامرأة أجنبية ، لا خادمة ، ولا غيرها ، وليس له أن يستقدم خدماً
كفاراً ، ولا عمالاً كفاراً ، ولا خادمات كافرات في هذه الجزيرة " .
انتهى" فتاوى الشيخ ابن باز " ( 5 / 40 ، 41 )
.
رابعاً:
وتفكير الأخ السائل بالزواج من الخادمة التي تعمل في بيته تفكير سليم ؛ ليتجنب
الحرام الذي يمكن أن يقع فيه معها من النظر ، والخلوة ، أو ما هو أشد من ذلك – لا
قدَّر الله - ، لكن يجب أن ينتبه لأمور مهمة قبل الإقدام على الزواج من تلك الخادمة
، ومنها :
1. يجب عليه أن يؤدي لهذه الزوجة كامل حقوقها : من المهر الذي تستحقه ، ومن المبيت
، والنفقة ، ويجب أن يعدل بينها وبين زوجته الأولى ، وحقوقها ليست منقوصة لأنها
خادمة ؛ لأنها ستصبح زوجته ، ولها ما للأولى ، وعليها ما على الأولى .
2. لا يحل له نكاحها إلا برضا وليها ، ووليها هو والدها ، فإما أن يحضر الولي بنفسه
، أو يوكِّل من يشاء ليقوم مقامه .
3. يجب أن يشهد على العقد شاهدا عدل ، أو أن يعلن الزواج أمام ملأ من الناس ، ولا
يشترط إخبار زوجته الأولى ، لكن لا يحل له إخفاؤه عن الناس ؛ لما يترتب على الإخفاء
من ضرر عليك وعليها ؛ ولما يترتب عليه من هضم حقوقها الزوجية ، كالمهر ، وإثبات نسب
أولادها ، ونصيبهم من الميراث منه ، وغير ذلك .
4. لا يجوز له منعها من حقوقها مثل : الاستمتاع ، والإنجاب ، فلا يجوز له العزل في
الجماع إلا بإذنها ، ولا يجوز له منعها من الإنجاب إلا بإذنها أيضاً ؛ لأن حق
الاستمتاع والولد مشترك بينهما ، فلا يجوز له حرمانها منهما أو من أحدهما .
5. يجب أن ينتبه لطريقة تعامل زوجته الأولى وأولاده لها ، فهي زوجته ، ويجب أن يكون
لها من الاحترام والتقدير ما يناسب كرامتها ، ولا يحل له أن يرضى بسوء معاملتهم لها
على أنها خادمة أجنبية ، وهي في حقيقة الحال زوجته .
فعليه أن يأخذ ما ذكرناه بالاعتبار ليكون زواجاً شرعيّاً ، يخلو مما يبطله أو ينقصه
، ونسأل الله تعالى أن يشفي زوجته ، وأن ييسر له أمر زواجه إن كان لهما فيه خير .
والله أعلم