مسائل في القصر والجمع للمسافر
أنا أسكن مدينة الجبيل التي تبعد أكثر من 80 كلم عن مدينة الدمام. عندما أحتاج إلي قضاء حاجياتي من السوق أو زيارة الأهل والأصدقاء أسافر إلى الدمام وغالبا ما أرجع إلى الجبيل في نفس اليوم.
أسئلتي منصبة في حال وجودي في الدمام وهي كما يلي:
هل يجوز الجمع والقصر في صلاتي الظهر والعصر في أي وقت بينهما وهل يجوز تأخير الجمع والقصر إلى فترة ما بعد صلاة العصر وإلى متى ؟
هل يجوز الجمع والقصر في صلاتي المغرب والعشاء في أي وقت بينهما وهل يجوز تأخير الجمع والقصر إلى فترة ما بعد صلاة العشاء وإلى متى ؟
عندما أجمع وأقصر إحدى الصلاتين في وقت صلاة الأولى وبعدها يتسنى لي الوصول إلي الجبيل قبل دخول أو عند دخول وقت صلاة الثانية... هل يجب علي تأدية الصلاة التي دخل وقتها مرة أخرى أو أعتبر أني قد صليتها مسبقا ؟
في حالة تأخير صلاة القصر والجمع إلى فترة صلاة الثانية... هل يجوز أن أؤدي الصلاة في منطقة قريبة من منطقة الجبيل (محطة على الطريق قريبة جدا من الجبيل باعتبار أني لازلت على سفر) ؟
عندما أنوي الجمع والقصر في طريق العودة إلى الجبيل....وحدث أني نسيت التوقف والصلاة على الطريق وأني لم أتذكر الصلاة إلا في البيت في الجبيل....هل أصليهما جمعا وقصرا أو أصلي كل صلاة على حده مثل صلاة القضاء ؟
عندما أنوي الجمع والقصر وأصلي خلف إمام في أحد المساجد في الدمام...هل يجوز أن أرتب دخولي في الصلاة إلى ما بعد التشهد ألأول للإمام وأدخل بنيه القصر وأسلم مع الإمام ؟
الجواب
الحمد لله.
أولا :
ذهب جمهور الفقهاء إلى تحديد السفر بالمسافة ، وذهب بعض أهل العلم إلى أن المرجع هو
العرف ، فما عدّه الناس سفرا فهو سفر ، وما لم يعدوه في عرفهم سفرا فليس بسفر .
وتقدّر المسافة على قول الجمهور بثمانين كيلو مترا تقريبا .
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (8/99):
" السفر الذي يشرع فيه الترخيص برخص السفر هو ما اعتبر سفراً عرفاً ، ومقداره على
سبيل التقريب مسافة ثمانين كيلو متراً ، فمن سافر لقطع هذه المسافة فأكثر فله أن
يترخص برخص السفر من المسح على الخفين ثلاثة أيام بلياليهن ، والجمع والقصر، والفطر
في رمضان " انتهى
.
وأفتى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في حق الموظف الذي يذهب يوميا نحوا من 150 كيلا
أن الأحوط في حقه أن يتم الصلاة .
فقد سئل رحمه الله : نحن جماعة من المدرسين تبعد المدرسة ما يزيد على مائة وخمسين
كيلو عن البلدة التي نسكن فيها ، ونحن نتردد يومياً إلى المدرسة ، وقد اختلفنا في
حكم القصر والجمع بالنسبة لصلاة الظهر والعصر، فهل يحق لنا في هذه المسافة القصر
والجمع ونحن نتردد يومياً إلى المدرسة أم لا؟
فأجاب : " الاحتياط ألا يقصروا ولا يجمعوا ؛ لأن مثل هذا لا يعد عند الناس سفراً،
وإن كان سفراً عند بعض العلماء، فالذي أرى لهم: ألا يجمعوا ولا يقصروا. إلا لو فرض
أنهم إذا وصلوا إلى أهليهم متعبين ويخشون إن ناموا ألا يقوموا إلا عند الغروب، أو
يخشون إن بقوا حتى يؤذن العصر أن يصلوا العصر وهم في شدة النعاس، فهنا نقول:
اجمعوا؛ لأن الجمع أوسع من القصر، لا حرج أن يجمعوا ، وإذا وصلوا إلى بلدهم ينامون
إلى الغروب ، أما القصر فأرى أن الاحتياط ألا يقصروا ؛ لأن هذا لا يسمى سفراً في
عرف الناس الآن " انتهى من "اللقاء الشهري"
(60/11).
ثانيا :
بناء على قول الجمهور في تحديد السفر بالمسافة ، فإنه يجوز لك أن تقصر الظهر والعصر
والعشاء في الدمام ، إذا صليت بمفردك أو مع جماعة مسافرين .
لكن ينبغي أن تعلم أن صلاة الجماعة واجبة على الرجل القادر ، حاضرا كان أو مسافرا ،
فحيث سمعت النداء لزمك حضور الجماعة ، وحينئذ تصلي الصلاة تامة إذا كان الإمام
مقيما.
ثالثا :
أما الجمع بين الصلاتين في البلد الذي سافرت إليه وهو الدمام ، فهو جائز على القول
بأنك مسافر ، ولكن الأولى أن لا تجمع بين الصلاتين إلا إذا شق عليك فعل كل صلاة في
وقتها . ويجوز لك أن تجمع بين الصلاتين جمع تقديم أو تأخير حسب الأيسر لك .
رابعا :
وقت صلاة العصر إلى اصفرار الشمس ، ووقت صلاة العشاء إلى منتصف الليل ؛ لما روى
مسلم (612) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( وَقْتُ الظُّهْرِ مَا لَمْ يَحْضُرْ
الْعَصْرُ ، وَوَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ ، وَوَقْتُ
الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَسْقُطْ ثَوْرُ الشَّفَقِ ، وَوَقْتُ الْعِشَاءِ إِلَى
نِصْفِ اللَّيْلِ ، وَوَقْتُ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ ) .
وقد سبق في جواب السؤال (
9940 ) بيان
مواقيت الصلوات الخمس على التفصيل .
وعليه فإذا جمعت الظهر والعصر تأخيرا ، وجب أن يكون ذلك قبل اصفرار الشمس .
وإذا جمعت المغرب والعشاء تأخيرا ، وجب أن يكون ذلك قبل منتصف الليل .
خامسا :
إذا جمعت بين الصلاتين في وقت الأولى منهما ، ثم عدت إلى الجبيل قبل دخول وقت
الصلاة الثانية ، لم يلزمك إعادة الصلاة الثانية .
ويجوز للمسافر أن يجمع جمع تقديم ، مع علمه أنه سيصل بلده قبل دخول وقت الصلاة
الثانية.
لكن سبق أن الأفضل في حقك عدم الجمع ، وخاصة في هذه الحالة التي سترجع فيها قبل
دخول وقت الثانية ، ما لم توجد مشقة من مرض أو تعب ونحوه .
سادسا :
في حالة جمع التأخير ، يجوز أن تؤدي الصلاة في منطقة قريبة من منطقة الجبيل ، قبل
دخول بنيان المدينة ، سواء صليت في محطة أو على الطريق ، لأن حكم السفر يمتد إلى
دخول عمران المدينة .
سابعا :
إذا أراد المسافر الجمع ، لكنه وصل إلى بلده دون أن يصلي ، فإن وصل في وقت الأولى ،
صلى الأولى فقط ، تامة ثم صلى الثانية ، تامة ، بعد دخول وقتها .
وإن وصل في وقت الثانية ، صلى الأولى قصرا ( على ما رجحه الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله ) ، وصلى الثانية تامة ، اعتبارا بحال فعل الصلاة .
وينظر : "الشرح الممتع" (4/370)
ثامنا :
يلزم المسافر أن يصلي الجماعة حيث ينادى بها ، كما سبق ، فإذا دخل المسجد شرع في
الصلاة خلف الإمام ، وليس له أن يتأخر إلى التشهد ألأول ؛ لقول النبي صلى الله عليه
وسلم : (إِذَا سَمِعْتُمْ الإِقَامَةَ فَامْشُوا إِلَى الصَّلاةِ وَعَلَيْكُمْ
بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ وَلا تُسْرِعُوا فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا
فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا) البخاري ( 636 )
ومسلم ( 602 ) .
والمسافر إذا صلى خلف مقيم يتم الصلاة ، وجب عليه أن يتم الصلاة أربعاً ، سواء أدرك
من صلاة الإمام ركعتين أو أكثر أو أقل .
وانظر جواب السؤال رقم (40299)
والله أعلم .