زوجها مريض نفسيّاً ويؤذي زوجته فكيف تتصرف معه ؟ وهل له حقوق ؟
امرأة تسأل عن حق زوجها ، حيث إن زوجها مريض نفسيّاً ، ومختل ، وهو لا يتدخل في أمور الحياة المنزلية ، ودائماً يتهمها بالإثم ، وهي بعيدةٌ عنه ، وهو أب لـ 10 أفراد ، تزوج أولاده من دون معاونته لهم ، مما يؤدي ذلك لانفعال زوجته من هذا الأمر ، ولا تطيقه في الكلام معه .
راجين منكم حكم الشرع في هذا الأمر ؟ .
الجواب
الحمد لله.
أولاً:
نسأل الله تعالى أن يشفي زوجك عاجلاً غير آجل ، ونسأل الله أن يُعظم لك الأجر على
صبرك وتحملك ، وهذه المصيبة التي ابتلاكم الله تعالى بها تؤجرون عليها لو أنكم
صبرتم واحتسبتم الأجر عليها .
عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ
لأَحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ
وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ) .
رواه مسلم ( 2999 )
.
وعن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مَا يُصِيبُ
المُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حَزَنٍ وَلاَ أَذى وَلاَ
غمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةَ يُشَاكَها إِلاَّ كفَّرَ الله بِهَا مِنْ خَطَايَاه " .
رواه البخاري ( 5318 ) ومسلم ( 2573 )
.
ثانياً:
مرض زوجكِ إما أن يكون معه مُدرِكاً لأفعاله وتصرفاته ، أو لا يكون مُدرِكاً ، فإن
كان مدركاً : فهو مؤاخذ بما يقول ، وبما يفعل ، ولا يحل له قذفك ، ولا التخلي عن
تربية أولاده ، ويجب عليه القيام بما أوجبه الله تعالى عليه من الطاعات ، وعدم فعل
ما نهاه الله تعالى عن فعله .
وفي هذه الحال يجب عليكِ أداء حقوقه الزوجية ، ولا يحل لك التهاون بها .
وإن كان مرضه لا يُدرِك معه تصرفاته وأفعاله : فقد سقط عنه التكليف ، ولا يؤاخذ بما
يقول ، ولا بما يفعل ، إلا إن تعلق فعله بحق غيره ، فلصاحب الحق أن يأخذ حقه من مال
زوجك ، أو من أوليائه ، كما لو تعدى على غيره بالقتل ، أو حطَّم له سيارته ، أو ما
يشبه ذلك من الأفعال .
عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( رُفِعَ القَلَمُ عن ثلاثةٍ : عن
النائمِ حتى يستيقظَ ، وعَن الصبِيِّ حَتى يَحتلمَ ، وعَن المجنونِ حتى يَعْقل - أو
يفيق - ) .
رواه أبو داود ( 4398 ) والنسائي ( 3432 )
وابن ماجه ( 2041 ) .
وصححه الألباني في " صحيح أبي داود "
.
قال ابن حزم – رحمه الله - :
وأما من لم يبلغ , أو بلغ وهو لا يميز ، ولا يعقل ، أو ذهب تمييزه بعد أن بلغ
مميزاً : فهؤلاء غير مخاطَبين ، ولا ينفذ لهم أمر في شيءٍ من مالهم ؛ لما ذكرنا من
قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( رفع القلم عن ثلاث , - فذكر : - الصبي حتى
يبلغ , والمجنون حتى يبرأ ) .
" المحلى " ( 7 / 200 ) .
وقال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله
- :
وأما العاقل فضده : المجنون الذي لا عقل له ، ومنه الرجل الكبير ، أو المرأة
الكبيرة إذا بلغ به الكبر إلى حد : فقد التمييز ، وهو ما يًعرف عندنا بـ " المهذري
" : فإنه لا تجب عليه الصلاة حينئذ لعدم وجود العقل في حقه .
" مجموع الفتاوى " ( 12 / السؤال الأول ) .
وينظر كلام أهل العلم في تصرفاته
وأثرها في جواب السؤال رقم (
73412 ) .
وبالنسبة لاتهامك بالإثم : فإن كنتِ تعنين " الزنا " : ففي حاله الثانية : لا يقع
منه قذف ؛ لتخلف شرط مهم وهو العقل ، ومثله – أيضاً – لا يمكن أن يلاعن .
وفي " الموسوعة الفقهية " ( 33 / 11 ) :
اتّفق الفقهاء على أنّه يشترط في القاذف : البلوغ والعقل والاختيار ، وسواء أكان
ذكراً أم أنثى ، حرّاً أو عبداً ، مسلماً أو غير مسلم .
انتهى
والخلاصة :
إما أن تتحملي ما يجري منه إن كان غير مدرك لتصرفاته وأفعاله بسبب مرضه واختلال
عقله ، وإما أن ترفعي أمرك للقضاء الشرعي ليحكم القاضي بأهليته للبقاء لك زوجاً ،
أو يحكم بفسخ النكاح .
وإن كان مدرِكاً لتصرفاته : فإما أن تتحملي ما يجري منه ، وإما أن تطلبي منه الطلاق
، فإن أبى : فترفعين أمرك للقضاء الشرعي ليفصل بينكما .
والله أعلم