الحمد لله.
أولاً :
هذه المعاملة التي كنت تعامل بها الناس هي نوع من المشاركة يسميها الفقهاء : "المضاربة" وهي أن يكون المال من شخص ، والطرف الآخر يعمل بهذا المال في التجارة أو غيرها ، ويقسم الربح بينهما .
وصورتها الصحيحة : أن يتم تقسيم الربح حسب ما يتفقان عليه ، سواء كان نصيب كل واحد منهما مساوياً للآخر أو يزيد أحدهما ، حسب ما يتراضيان عليه ، وأن تكون الخسارة كلها في حالة حصولها على رأس المال ، أما الطرف الآخر الذي يشارك بعمله فإنه لا يخسر مالاً ، وإنما يكون خسر عمله فقط .
والواجب عند تقسيم الربح أن يأخذ كل واحد من الشريكين جزءاً من الربح .
أما أن يُعطى صاحب رأس المال نسبة ثابتة من رأس المال كالعُشْر ، أو يُعطى مبلغاً ثابتاً كل مدة مثل 1000 ريال مثلاًً ، فإن هذا محرم ، وقد نقل ابن المنذر رحمه الله إجماع العلماء على تحريم المضاربة إذا اشترط أحد الشريكين قدراً معلوما من الدراهم ، وإنما يكون نصيب كل واحد منهما نسبة من الربح .
المغني (5/23) .
ثانياً :
يجب رد الأموال إلى أصحابها ، ولا تجوز المماطلة في ذلك ، ما دمت تملك ما تسدد به ، من نقود ، أو أشياء يمكن بيعها ، والفقهاء يقولون : إن المفلس تباع أملاكه لسداد دينه ، ولا يترك له إلا الأشياء الضرورية ، من مسكن وأثاث وثياب .... ونحو ذلك .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ ) رواه البخاري (2400) ومسلم (1564). وفي حديث آخر : ( يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ ) رواه أبو داود (3628) والنسائي (4689) وابن ماجه (2427) ، وحسنه الألباني في "إرواء الغليل" (1434) .
والمطل هو تأخير سداد الحق من غير عذر .
ومعنى "يحل عرضه" : أي أن يقول : فلان مطلني وظلمني وأكل حقي .
و "عقوبته" : أي : يجوز للحاكم أن يعاقبه على فعله المحرم .
فاتق الله تعالى ، وخف عقابه ، واحذر من عاقبة أكل الحرام وتأخير حقوق الناس ، ولا تخف من المستقبل ، فإن الرزق بيد الله سبحانه ، وقد وعد أهل طاعته بالمزيد ، فقال سبحانه : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل/97 ، وقال : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/2، 3 .
وهب نفسك أحد هؤلاء الناس ، وغيرك قد أخذ مالك ويماطلك مع قدرته على السداد ، خوفاً على أولاده أو مستقبله ، فهل ترضى ذلك ، وهل تلتمس له عذراً ، وهل يسلم من سخطك ودعائك ؟
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم موصيا أحد أصحابه : ( وانظر ما تحب من الناس أن يأتوه إليك فافعل بهم ، وما كرهت أن يأتوه إليك فذرهم منه ) رواه أحمد وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (3508) .
وراجع جواب السؤال رقم (84030 ) .
فالواجب عليك أن تسدد ما تستطيع تسديده من أموال الناس ، وما بقي فإنك تستسمحهم ، ويكون ذلك دَيناً عليك تسدده متى استطعت ذلك .
والله أعلم .
تعليق