الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

تحليل الشخصية عن طريق حروف كتابتك وتوقيعك من الكهانة والعرافة

121011

تاريخ النشر : 04-10-2009

المشاهدات : 104789

السؤال

أحسن الله إليكم ، كثر الحديث في المجالس وفي المنتديات بين مؤيد وبين رافض وأقيمت بعض الدورات التدريبية لتعلم علم الخط – تحليل الشخصية - المسمى بالجرافولوجي هل هو من الدجل والشعوذة أو ليس كذالك ؟ وهل يجوز تعلمه ؟ وأيضاً أحسن الله إليكم هل البرمجة اللغوية العصبية فيها دجل وشعوذة ؟ وهل تنصحون بتعلمها ؟ وجزاكم الله خيراً.

الجواب

الحمد لله.

أولاً:

إن أحوج ما يكون إليه المسلمون في كل زمان : تعلم العقيدة الصحيحة ، التي ينجيهم اعتقادها من سخط الله وعذابه ، ويميزون من خلالها بين المبتدع والسنِّي ، والصادق والكاذب ، ومع حفظهم لدينهم فإنهم يحفظون أموالهم من أن يسلبها منهم أهل الفساد من أهل الكهانة ، والعرافة ، والشعوذة .

ولا يزال هؤلاء يتفنون في إفساد عقائد الناس ، وسلب أموالهم ، بطوق ملتوية ، ويتبرؤون فيها من كونهم على صفة الكهانة ، أو الشعوذة ، والعرافة .

وانظر فيما نحن بصدده ، فهذا " العرَّاف " و " الكاهن " يستطيع إخبارك بقائمة طويلة من صفاتك الخلْقية ، والخلُقية ، وشعورك ، والأمراض الجسمية ، والنفسية ، وغير ذلك بأشياء منها : توقيعك ! ، أو كلمات تخطها بيدك ! أو رسماتك على الورق ! ، ويسمون كهانتهم هذه : " الجرافولوجي " .

فأي شيء جعله الله تعالى في تلك الحروف والكتابات والرسوم حتى يستدل ذلك الكاهن من خلالها على أمور غائبة عنه ، وهي غيبية في واقع الحال ؟! ثم يزعمون أنه لا يعلم الغيب إلا الله !

وهكذا يستمر مسلسل الكذب ، والكهانة ، بأسماء مختلفة ، وتسمى " علوماً " و " فنوناً " ، وتُعقد لها الدورات القصيرة ، بأثمان باهظة .

وكل ما جاء في " الكهانة " و " العرافة " و " التنجيم " فهو ينطبق على أولئك الذي يزعمون تلك المعارف بكتابا الشخص ، أو توقيعه ، أو رسوماته .

وانظر في ذلك جواب السؤال رقم : ( 40924 ) .

ويُنظر تفصيلات – كذلك – في أجوبة الأسئلة : ( 8291 ) و ( 32863 ) و ( 45569 ) و ( 12578 ) .

ثانياً:

قالت الدكتورة فوز كردي - حفظها الله - وهي من أوائل من تنبه لطاغوت البرمجة العصبية وأخواتها ، ولها ردود منتشرة عليهم ، بل حازت على رسالتي الماجستير والدكتوراة في العقيدة وضمنتهما الرد على تلك البرامج والادعات والعلاجات - :

من أنواع الوافدات الفكرية الباطنية أنواع من ما يسمى كذباً " تحليل الشخصية " ، ففي استخدام مصطلح " تحليل الشخصية " تلبيس ، يلبس به المبطلون على الناس إذ يظن طلاب هذه التحليلات أنها أداة علمية صحيحة ، لذا أود التنويه بأن ما ينشر تحت هذا المصطلح ، ويتداول بين الناس أنواع : منه ما هو شرك ، ومنه ما هو علم ، ومنه ما هو جهل :

أولاً: تحليل الشخصية الباطل :

وهو التحليل المدَّعى بحسب خصائص سرية ، كشخصيتك من خلال لونك المفضل ، أو حيوانك المفضل ، أو حروف اسمك ، وهذه في حقيقتها : كهانة ، وعرافة ، بثوب جديد لا تختلف عن القول بأن من ولد في نجم كذا فهو كذا ، وحظه كذا .

فهذه النماذج للتحليل تقوم على روابط فلسفية ، وأسرار مدعاة ، مأخوذة من الكتب الدينية للوثنيات الشرقية ، وتنبؤات الكهان ، ودعاواهم كخصائص الحروف ، ومن ثم يكون مَن يبدأ اسمه بحرف كذا : شخصيته كذا ، أو من يحب اللون كذا : فهو كذا ، ومن يحب الحيوان كذا : فهو ميال إلى كذا ، وغير ذلك مما قد يظن من يسمعه لأول وهلة بوجود أسس منطقية ينبني عليها مثل هذه الأنواع من التحليل ، وحقيقة الأمر عقائد فلسفية يؤمن معتقدوها بما وراء هذه الأشياء ( الألوان ، الحيوانات ، الحروف ، النجوم ....) من رموز ! وأقلها ضرراً ما تبنى على مجرد القول بالظن الذي نهينا عنه لأنه يصرف عن الحق الذي تدل عليه العقول السليمة والمتوافق مع هدى النقل الصحيح .

وكذا " تحليل الشخصية " من خلال الخط ، أو التوقيع ، يلحق بهذا النوع الباطل من وجه الكهانة والعرافة إذا تضمن ادعاء معرفة أمور تتعلق بأحداث الماضي ، أو المستقبل ، أو مكنونات الصدر دون قرينة صحيحة صريحة ، إذ لا اعتبار للخصائص السرية المدعاة للانحناءات ، أو الاستقامة ، أو الميل ، أو التشابك للحروف ، والخطوط ، ولا تعتبر بحال قرائن صحيحة في ميزان العقل السليم ، فهذه النماذج ما هي إلا كهانة ، وإن اتخذت من " تحليل الشخصية " ستاراً لها ، قال الدكتور إبراهيم الحمد - معلقًا على الاعتقاد بتأثير تاريخ الميلاد ، أو الاسم ، أو الحرف - : " كل ذلك شرك في الربوبية ؛ لأنه ادعاء لعلم الغيب " .

ثانياً : " تحليل الشخصية " أو بعض سماتها العلمي الصحيح :

وهو الذي يقوم به المختصون النفسانيون ، ويعتمد على المقاييس العلمية ، وطرق الاختبار الاستقرائية الرامية للكشف عن سمات أو ميول إيجابية في الشخصية خلال مقابلة الشخص ، أو ملاحظة بعض فعاله ، أو تصريحاته ، أو سلوكه ومشاعره في المواقف المختلفة ، بحيث تشكل نتائج هذه الملاحظة دلالات تدل على خفايا شخصية الإنسان يمكن إخباره بها ، ودلالته على طريق تعديلها ، وتنميتها .

 فهذه النماذج تختلف عن ذلك الهراء ، والظن المحض ، أو الرجم ، والكذب ، وتعتمد على معطيات حقيقية ، وأسس سلوكية ، يستشف من خلالها بعض الأمور ، وتتضمن الدلالة على طريقة تعديل السيء منها ، وتعزيز الجيد ، ومن ثم تغيير الشخصية للأفضل ، أو تزكية النفس ، ولا تقف عند حد وصف الشخصية بوصف .

ثالثاً: نماذج التحليل التي هي من قبيل الجهل والتعميم غير الصحيح :

مثل شخصيتك من طريقة نومك ، أو من طريقة مشيتك ، أو طريقة استخدامك للمعجون ! أو ...أو ....

ومثلها شخصيتك من طريقة من حركات عينك ، ونظراتك ، إذا كانت للأعلى : فأنت كذا ، وإذا كانت ....

فهذه النماذج اعتمادها جهل محض ، وإذا تبعها حديث عن الماضي ، والحاضر ، ومكنونات النفس : دخلت في الكهانة ، والرجم بالغيب ....

وخلاصة الأمر :

أن في العلم الصحيح ما يغنينا عن الباطل ، والجهل ففي الثابت المنقول ما يدلنا على سمات مهمة نكتشف بها أنفسنا ، ومن نتعامل معهم ، كقوله صلى الله عليه وسلم : ( آية المنافق ثلاث .....) ، وفي الثابت المعقول كثير من الدلالات الصحيحة مثل القول بأن خوف الشخص من دخول مكان واسع مزدحم يدل على خجل ، وبوادر انطواء في شخصيته ، ويحتاج صاحبه لتذكير بمعاني ، وتدريب على سلوكيات ليتخطى هذا الحاجز ، ويزكي شخصيته .

انتهى، من مقال بعنوان " أنواع تحليل الشخصية [ شرك ، علم ، جهل ] " من موقعها 

وسئلت – حفظها الله - :

ما قولكم بخصوص دورات تحليل الشخصية بناء على الخط ؟ .

فأجابت :

قد غزت دورات " تحليل الشخصية " ساحة التدريب في الآونة الأخيرة ، وكثر إقبال الناس عليها ، أحياناً بدعوى هدف دعوة الأشخاص ، وأحيانا بدعوى معرفة مناسبة هذا الشخص أو ذاك لصداقة ، أو شراكة ، أو زواج ، أو أي أعمال مشتركة ، أو غير ذلك من الأسباب .

والحقيقة : أن الرغبة في اكتشاف المغيبات ، ومعرفة دخائل النفوس : قد تكون في أصلها فطرية ، تغذيها رغبة حب الاستطلاع ، والاستكشاف لدى الإنسان ، إلا أنها رغبة ينبغي أن تضبط بضوابط الشرع ، وينظر إلى ما يفيد منها .

والشرع قد وجهنا بالنسبة للأشخاص والرغبة في معرفة حقيقتهم بتوجيهات عامة ، منها : الحكم على الظواهر بالقرائن الظاهرة ، وترك السرائر إلى الله عز وجل ، وأعطانا قرائن للصلاح ، والفساد كما في دلالة االصدق ، والمحافظة على الصلاة ، على الإيمان .

وجهنا للجوء إلى العليم بالسرائر عبر صلاة الاستخارة الذي يعلم ولا نعلم ، ويقدر ، ولا نقدر متضرعين متذللين .

ولم يثبت في سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم ، ولا صحابته الكرام ، ولا أحد من السلف المعتد بأقوالهم أنه حاول تحليل شخصية مَن أمامه ، أو معرفة ماضيه ، أو التكهن بمستقبله ،  إلا ما كان من ملاحظة قرائن ظاهر الحال .

وبملاحظة مواد " تحليل الشخصية " المطروحة : يمكننا القول أن منها ما يتبع القرائن الظاهرة ، كنماذج تحليل الشخصية العلمية التي عادة تشمل ملاحظة الإنسان لنفسه ، أو لآخرين في مواقف متنوعة ، وفق معايير متعارف عليها ، فمثلا الانطوائي الطبع يشعر بالخجل في التجمعات الكبيرة ، يتشاغل إذا قابل الناس هرباً من المواجهة ، ونحو ذلك ، وهذه الطرق وما شابهها نتاج علمي تعلّمه جيد ؛ لتطوير الذات ، وتربية الغير ، مع ملاحظة أن مصمميها أنفسهم يعطون نسبة صدق معينة لنتائجها ، ولا يجزمون بإطلاق النتيجة ، ثم إنها تعطى كخطوة لتعديل السلوك ، وتنمية الشخصية ، فيتبعها عادة تدريبات تحدُّ – مثلاً - من الخجل ، وتدفع لانطلاق أكبر .

ومِن طرق تحليل الشخصية المتبع ما يتعلق بأمور باطنة ، ويُزعم أنها حقائق قطعية ، بل وتعدُّ حكماً على الشخصيات ، لا خطوة لإصلاحها ، وحقيقة هذه الأنواع : كهانة وعرافة بثوب جديد ، لا تختلف عن القول بأن مَن ولد في نجم كذا ، أو طالع كذا : فهو كذا ، وحظه كذا ! .

 وقد يزيِّن مروجو هذا الباطل باطلهم فيزعمون أنه " فراسة " ! ، أو يلبسوه لبوس العلم والدراسات الاستقرائية ، حتى يظن من يسمعه لأول وهلة بوجود أسس منطقية يبنى عليها ، وحقيقة الأمر : أنها مجرد قول بالظن الذي نهينا عنه من وجه ، كما أنها متعلقة بالتنجيم ، والاعتقاد بالكواكب ، وغيرها من وجه آخر ، ثم هي تصرف عن الحق الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ، وعن ما تدل عليه العقول السليمة ، والمتوافق مع هدي النقل الصحيح ، لذلك قال ابن تيمية عن أمثالها في عصره : " فإنها بديل لهم عن الاستخارة الشرعية " .

وتقوم أكثر نماذج التحليل من هذا النوع على روابط فلسفية ، وأسرار مدعاة ، مأخوذة من الكتب الدينية للوثنيات الشرقية ، وتنبؤات الكهان ، ودعاواهم ، كخصائص الحروف ، ومن ثم يكون مَن يبدأ اسمه بحرف كذا : شخصيته كذا ، أو خصائص الألوان ، فمن يحب اللون كذا : فهو كذا ، أو أسماء الأبراج الصينية ، فمن يحب الحيوان كذا : فهو ميال إلى كذا ، وغير ذلك ، وأكثر هذه الأمور عند التدقيق فيها : تشمل أمورا صحيحة ، وأخرى خاطئة ، ممزوجان معاً ، لذا تشتبه على كثير ممن يلاحظون الصواب فيها فقط .

ومن هذا النوع الفاسد : ما انتشر مؤخراً بثوب علمي متخذا اسم " علم الجرافلوجي " ومضمونه " تحليل الشخصية " عبر الخط ، أو التوقيع ، فالحقيقة : أن ما يتضمنه هذا العلم - إن سلمنا بهذا الوصف له - هو الظن ، والرجم بالغيب ، مع العرافة ، والكهانة ، وكلما كان صاحبه أحذق : كلما كان أقرب إلى إعانة الشياطين ، بإخبارهم ببعض المغيبات الماضية ، أو المستقبلية ، مزينين له الباطل على أنه علم إنما تلقاه من معرفته بخصائص دلالة هذا الانحناء في التوقيع ، وتلك الزواية في طريقة كتابة حرف كذا ، ونحو ذلك ، وقد عجبت من تلك المدربة  المسلمة - عفوا " العرَّافة " -  التي مضت تخبر المعلمات في إحدى المدارس بطفولتهن ، وما تحب كل واحدة ، وماذا تكره ، وماذا تتوقع لها مستقبلاً ، زاعمة أن ذلك من فراستها في خطهن وتوقيعاتهن !! .

ولو فكرنا بعقولنا فقط بعيداً عن تأثير الدعاية لفوائد هذه الدورات وإيحاءات نفعها لنتساءل : ما الفائدة المرجوة من ورائها وهي تعطي حكماً على الشخصيات ، لا تعطي دلائل على السمات ، وتدل على طرق تقويمها ؟ .

ثم أي خط ذلك الذي تستشف منه شخصية شخص بارع في محاكاة الخطوط جميعها ، وتزوير التوقيعات ؟ ما هو مصدر هذا العلم ؟ من هم أهله ؟ رواده ؟ ماهي مصادره المكتوبة ؟ ماهي قيمته في الساحات العلمية ؟ وما هي فوائده للحياة والعبادة ، في الدنيا والآخرة ؟ لمَ لَم يعلمنا إياه رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم الذي ما ترك من خير إلا ودلَّنا عليه ، ولا شر إلا وحذرنا منه ، فجزاه الله عنَّا بخير ما جزى نبيّاً عن أمته ، ألف تساؤل وتساؤل ، قد يجد المفتونون بهذه الضلالات جواباً لبعضها ، ويجيدون التهرب من بعضها ، ويبقى أكثرها دون إجابة شافية .

وختاماً : أؤكد أن كل ما نحتاجه لنعرف أنفسنا ، ونعرف الآخرين : قد دل عليه النقل الصحيح ، أوالعقل الصريح ، وما دون ذلك : فهو تزيين الشياطين ، وإغواؤهم ، وصرفهم لبني آدم عما ينفعهم ، وتحليل الشخصية أو بعض سماتها بالمنهج العلمي الذي يقوم به المختصون يختلف عن هذا الهراء الباطل ، فالتحليل الصحيح يعتمد على معطيات حقيقية ، وأسس سلوكية ، يستشف من خلالها بعض السمات العامة للشخصية ، ويتضمن الدلالة على طريقة تعديل السيء منها ، وتعزيز الجيد ، ومن ثَمَّ تغيير الشخصية للأفضل ، أو ما نسميه " التربية " ، و " تزكية النفس " .

 وفق الله الجميع لما يحب ويرضى ، وصرفَ عنَّا ضلالات الباطنية .

ينظر في موقعها مقال أنواع تحليل الشخصية

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب