الخميس 27 جمادى الأولى 1446 - 28 نوفمبر 2024
العربية

طلق زوجته لأمور اعترفت بها ووالده يقسم عليه أن لا يرجعها

127590

تاريخ النشر : 11-02-2009

المشاهدات : 13906

السؤال

طلقت زوجتي لأسباب قد اعترفت بها لكنها الآن تريد أن تحلف اليمين بأنها لم تفعل ما فعلت ووالدي قد أقسم عليَّ أن لا يعيدها ، ولو أعدتها لتبرأ مني ، فماذا أفعل؟

الجواب

الحمد لله.

إذا كانت زوجتك مرضِية الدين والخلق ، أو كنت تحبها ولا تقدر على تركها ، فرغبت في إرجاعها ، وأبى والدك ذلك ، فإنه ينبغي أن تسعى في إقناعه وإرضائه ولو عن طريق بعض أقاربك أو من يستجيب الوالد لنصحه ، فإن استجاب لذلك فالحمد لله ، وتلزمه كفارة يمين ، وإن أصر على رأيه فلا تلزمك طاعته في ذلك ، لأن الطاعة إنما تجب في المعروف ، وفيما لا ضرر منه على الابن . قال في "مطالب أولي النهى" (5/320) : "ولا تجب على ابن طاعة أبويه ولو كانا عدلين في طلاق زوجته ، لأنه ليس من البر" انتهى. وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن رجل متزوج وله أولاد , ووالدته تكره الزوجة، وتشير عليه بطلاقها ، هل يجوز له طلاقها ؟ فأجاب : "لا يحل له أن يطلقها لقول أمه , بل عليه أن يبر أمه ، وليس تطليق امرأته من برها. والله أعلم" انتهى من "الفتاوى الكبرى" (3/331). وسئل الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله عن حكم طلاق الرجل لزوجته إذا طلب منه أبوه ذلك فقال : " إذا طلب الأب من ولده أن يطلق زوجته فلا يخلو من حالين : الأول : أن يبين الوالد سببا شرعيا يقتضي طلاقها وفراقها مثل أن يقول : طلِّق زوجتك ؛ لأنها مريبة في أخلاقها ، كأن تغازل الرجال ، أو تخرج إلى مجتمعات غير نزيهة ، وما أشبه ذلك . ففي هذا الحال يجيب والده ويطلقها ؛ لأنه لم يقل : طلِّقها ، لهوى في نفسه ، ولكن حماية لفراش ابنه من أن يكون فراشه متدنسا هذا الدنس ، فيطلقها . الثانية : أن يقول الوالد للولد : طلِّق زوجتك ، لأن الابن يحبها فيغار الأب على محبة ولده لها ، والأم أكثر غيرة ، فكثير من الأمهات إذا رأت الولد يحب زوجته غارت جدا حتى تكون زوجة ابنها ضرة لها ، نسأل الله العافية . ففي هذه الحالة لا يلزم الابن أن يطلق زوجته إذا أمره أبوه بطلاقها أو أمه . ولكن يداريهما ويبقي الزوجة ويتألفهما ويقنعهما بالكلام اللين حتى يقتنعا ببقائها عنده ولا سيما إذا كانت الزوجة مستقيمة في دينها وخلقها . وقد سئل الإمام أحمد رحمه الله عن هذه المسألة بعينها ، فجاءه رجل فقال : إن أبي يأمرني أن أطلق زوجتي ، قال له الإمام أحمد : لا تطلقها ، قال : أليس النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر ابن عمر أن يطلق زوجته حين أمره عمر بذلك ؟ قال : وهل أبوك مثل عمر ؟ ولو احتج الأب على ابنه فقال : يا بني إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عبد الله بن عمر أن يطلق زوجته لما أمره أبوه عمر بطلاقها ، فيكون الرد مثل هذا ، أي : وهل أنت مثل عمر؟ ولكن ينبغي أن يتلطف في القول فيقول : عمر رأى شيئا تقتضي المصلحة أن يأمر ولده بطلاق زوجته من أجله ، فهذا هو جواب هذه المسألة التي يقع السؤال عنها كثيرا " انتهى من "الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة" (2/671). والأمر بعدم إرجاع الزوجة ، كالأمر بطلاقها ، فلا تلزم فيه الطاعة ، لكن عليك أن تقارن بين مفسدة القطيعة المتوقعة بينك وبين والدك ، ومفسدة الانفصال عن زوجتك ، وأنت أدرى بطبيعة والدك ومدى احتمال عفوه عنك ، وتراجعه عن التبرؤ منك . والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب