الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

هل يجوز لوالي اليتيم أن يأخذ شيئا من ماله عند الحاجة؟

145424

تاريخ النشر : 13-04-2010

المشاهدات : 65367

السؤال

شخص توفي والده وهو الكفيل على إخوته وأخواته . وعندنا في البلاد إذا كان للمتوفى أولاد يصرف راتب أبيهم دون انقطاع .. الأخ الأكبر وهو الكفيل يدخر هذا الراتب لوقت الشدة ويصرف على إخوته وأخواته من جيبه الخاص ، ولكن أحياناً يحتاج مبلغاً لنفسه فيسحب من المال المدخر فما حكم ذلك ؟

الجواب

الحمد لله.

أولاً :

كفالة اليتيم من أجلّ أعمال البر ، وخاصة إذا كان أولئك اليتامى ذوي رحم ، ويكفي في فضل كفالة اليتيم قول النبي صلى الله عليه وسلم : (أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا) رواه البخاري (5304) ومسلم (2983) .

قال النووي رحمه الله في شرح مسلم : " ( كَافِل الْيَتِيم ) الْقَائِم بِأُمُورِهِ مِنْ نَفَقَة وَكِسْوَة وَتَأْدِيب وَتَرْبِيَة وَغَيْر ذَلِكَ , وَهَذِهِ الْفَضِيلَة تَحْصُل لِمَنْ كَفَلَهُ مِنْ مَال نَفْسه , أَوْ مِنْ مَال الْيَتِيم بِوِلَايَةٍ شَرْعِيَّة " انتهى .

ثانياً :

إذا كان لليتيم مال ، كما لو ورث مالاً عن أبيه ، أو جاءه راتب من الدولة ، فلا يلزم وليه أن ينفق عليه ، بل تكون النفقة على اليتيم من ماله .

فإن كان الولي ينفق على اليتيم من ماله (أي من مال الولي) ويدخر مال اليتيم لوقت الشدة ، كما ذكرت في السؤال ، فلا يخلو من حالين :

الأولى : أن يكون متبرعاً بالنفقة على اليتيم ولا ينوي أن يستردها في يوم من الأيام ، فلا يجوز له أخذ شيء من مال اليتيم على أنه مقابل النفقة التي أنفقها عليه .

الثانية : أن ينوي استرداد جزء مما ينفقه على اليتيم إذا احتاج إلى ذلك ، فهو على نيته ، فإذا احتاج إلى مال فله الأخذ من مال اليتيم ، بشرط أن لا يزيد ما أخذه على ما أنفقه عليه .

ثالثاً :

إذا احتاج ولي اليتيم إلى الأخذ من مال اليتيم مقابل قيامه بمصالحه وتربيته ... إلخ ، فله ذلك ، لقول الله تعالى في ولي اليتيم : (وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) النساء/6 .

قال الحجاوي رحمه الله : "ويأكل الولي الفقير من مال مَوْلِيِّه الأقلَّ من كفايته أو أجرته" .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه :

"(ويأكل الولي الفقير) وهو الذي ليس عنده ما يكفيه من كسب يده أو غلة أو راتب أو مكافأة ، ليس عنده إلا مال هذا اليتيم .

قوله : (من مال موليه الأقل من كفايته أو أجرته) ، فإذا قدرنا أن كفايته ألف ريال وأجرته خمسمائة ريال ، فنعطيه خمسمائة ؛ لأنها الأقل ، فإذا قال هذه ما تكفيني ، أنا إلى الآن فقير ، نقول : ليس لك إلا الأجرة فقط .

وبالعكس ، أجرته ألف ريال وكفايته خمسمائة ، فنعطيه خمسمائة ، وهذه لا إشكال فيها ، الإشكال في المسألة الأولى ، إذا كانت الأجرة أقل من الكفاية فإنه سوف يبقى فقيراً ، وظاهر الآية الكريمة : (وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) النساء/6 ، أنه يأكل بالمعروف ، وأنه إذا كانت الأجرة أقل تُكمل له الكفاية ، وعلى هذا فنقول : يأكل كفايته سواءً كانت بقدر الأجرة أو أقل أو أكثر ؛ لأن هذا هو ظاهر القرآن : (وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ)" انتهى .

"الشرح الممتع" (9/312) .

وانظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم : (59933) .

وعلى هذا ؛ فلك الأخذ من مال إخوتك اليتامى في حالين :

الأولى : إذا كنت تنفق عليهم من مالك وتنوي استرداد هذه النفقة إذا احتجت إليها .

الثانية : إذا كنت فقيراً محتاجاً إلى المال ، ولكن يجب عليك في هذه الحالة أن يكون أخذك من أموالهم بالمعروف ، كما قال الله تعالى : (وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) ، فتأخذ من أموالهم ما يكفيك بلا زيادة ، ولا يجوز لك أن توسع على نفسك في النفقة من مال اليتيم .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب