الحمد لله.
اختلف أهل العلم رحمهم الله تعالى هل يسن الجهر بالقراءة في صلاة الكسوف أو الإسرار بها ؟
جاء في "الموسوعة الفقهية" (27/257) : "ولا يجهر في صلاة كسوف الشمس ; لما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الكسوف ، فلم نسمع له صوتا) .
وإلى هذا ذهب أبو حنيفة والمالكية والشافعية .
وقال أحمد ، وأبو يوسف : يجهر بها ، وهو رواية عن مالك . وقالوا : قد روي ذلك عن علي رضي الله عنه وفعله عبد الله بن زيد وبحضرته البراء بن عازب ، وزيد بن أرقم . وروت عائشة رضي الله عنها : (أن النبي صلى الله عليه وسلم : صلى صلاة الكسوف ، وجهر فيها بالقراءة) ولأنها نافلة ، شرعت لها الجماعة ، فكان من سننها الجهر كصلاة الاستسقاء ، والعيدين " انتهى.
والصحيح من القولين : أن السنة الجهر بها ، لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، كما في حديث عائشة رضي الله عنها المتقدم .
وقد حمله بعض العلماء على أنه كان في خسوف القمر ، أي : ليلاً ، ولم يكن في كسوف الشمس .
وروايات الحديث ترد هذا ، لأن فيها التصريح بأن ذلك كان في كسوف الشمس .
قال الحافظ ابن حجر رحمه
الله : "وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ ؛ لِأَنَّ الْإِسْمَاعِيلِيّ رَوَى هَذَا الْحَدِيث
مِنْ وَجْه آخَر عَنْ الْوَلِيد بِلَفْظِ : (كَسَفَتْ الشَّمْس فِي عَهْد رَسُول
اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَذَكَرَ الْحَدِيث ، وَكَذَا رِوَايَة
الْأَوْزَاعِيِّ الَّتِي بَعْده صَرِيحَة فِي الشَّمْس" انتهى من "فتح الباري"
(2/549) .
وقال العيني رحمه الله :
"... يرد بما رواه إسحاق بن راهويه عن الوليد بن مسلم بإسناده إلى عائشة أن النبي
صلى بهم في كسوف الشمس وجهر بالقراءة رواه الخطابي في " أعلام الجامع الصحيح "
انتهى من عمدة القارئ (9/87) .
وقال الصنعاني رحمه الله : " والمراد كسوف الشمس؛ لما أخرجه أحمد بلفظ : (خسفت
الشمس) وقال : (ثم قرأ فجهر بالقراءة) وقد أخرج الجهر أيضاً الترمذي والطحاوي
والدار قطني..." انتهى من "سبل السلام" (1/442) .
ورجح ابن المنذر رحمه الله حديث عائشة في الجهر على قول ابن عباس ، لأن المثبت مقدم
على النافي .
انظر : "الأوسط" (8/477) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله : "ويجهر بالقراءة في صلاة الكسوف ولو نهاراً وهو مذهب أحمد وغيره" انتهى
من "الاختيارات" (1/442) .
وقال الشيخ الألباني رحمه الله : " المتقرر أن صلاة الكسوف إنما صلاها رسول الله
صلى الله عليه وسلم مرة واحدة وقد صح أنه جهر بها كما في البخاري ولم يثبت ما
يعارضه ولو ثبت لكان مرجوحا " انتهى من " تمام المنة في التعليق على فقه السنة "
(263)
وهو ما اختاره الشيخ ابن
عثيمين رحمه الله ، انظر : "الشرح الممتع" (5/184) .
والله أعلم
تعليق