الحمد لله.
تقدم في جواب السؤال رقم : (107701) شروط صحة الصلاة ، وهذه الشروط إنما تكون مع القدرة ، أما من عجز عنها أو عن بعضها سقط ما عجز عنه والقاعدة عند الفقهاء : (لا واجب مع العجز).
وهذا القاعدة مستفادة من النصوص الشرعية ، كقوله تعالى : ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ ) البقرة/185 وقوله تعالى : ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلا وُسْعَهَا ) البقرة/286 .
وفي حديث عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( صَلِّ قَائِماً ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِداً ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ ) رواه البخاري (1117) .
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) رواه البخاري (6744) .
وعلى هذا ، فيجب على الأسير أن يصلي الصلاة لوقتها على قدر استطاعته ، فإن عجز عن الوضوء تيمم ، وإن عجز عن التيمم صلى بلا طهارة ، وإن عجز عن استقبال القبلة صلى إلى غيرها ، وينحني عند الركوع والسجود .
وإذا عجز عن ستر عورته صلى على قدر استطاعته ... وهكذا .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (14/273) :
"فاقد الطهورين هو الذي لم يجد ماء ولا صعيداً يتيمم به ، كأن حبس في مكان ليس فيه واحد منهما ، أو في موضع نجس ليس فيه ما يتيمم به ، وكان محتاجاً للماء الذي معه لعطش ، وكالمصلوب وراكب سفينة لا يصل إلى الماء ، وكمن لا يستطيع الوضوء ولا التيمم لمرض ونحوه . فذهب جمهور العلماء إلى أن صلاة فاقد الطهورين واجبة لحرمة الوقت ولا تسقط عنه ...." انتهى .
قال البهوتي رحمه الله :
"لقوله صلى الله عليه وسلم : (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) ولأن العجز عن الشرط يوجب ترك المشروط ، كما لو عجز عن السترة والاستقبال . ولا إعادة ؛ لما روي : (عن عائشة أنها استعارت من أسماء قلادة فأضلتها [أي : أضاعتها] ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجالا في طلبها ، فوجدوها ، فأدركتهم الصلاة ، وليس معهم ماء فصلوا بغير وضوء فشكوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله آية التيمم) متفق عليه ولم يأمرهما بالإعادة ، ولأنه أحد شروط الصلاة ، فسقط عند العجز كسائر شروطها" انتهى من "كشاف القناع" (1/171) .
قال الحافظ ابن حجر رضي الله عنه :
"فيه دليل على وجوب الصلاة لفاقد الطهورين ، ووجهه : إنهم صلوا معتقدين وجوب ذلك ولو كانت الصلاة حينئذ ممنوعة لأنكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم وبهذا قال الشافعي وأحمد وجمهور المحدثين وأكثر أصحاب مالك؛ لكن اختلفوا في وجوب الإعادة فالمنصوص عن الشافعي وجوبها وصححه أكثر أصحابه واحتجوا بأنه عذر نادر فلم يسقط الإعادة ، والمشهور عن أحمد وبه قال المزني وسحنون وابن المنذر لا تجب.." انتهى من "فتح الباري"(1/440) .
وقال الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي حفظه الله :
"وأقوى الأقوال : أنه يصلي على حالته ولا يعيد.." انتهى من شرح "زاد المستقنع" .
وعليه فالعاجز عن أداء الصلاة بشروطها يفعل ما يقدر عليه ويسقط عنه ما لا يقدر عليه .
والله أعلم
تعليق