الحمد لله.
يحق لكل من الزوجين أن يشترط على شريكه شروطاً لا تخالف الشرع ، فإن خالفت الشرع بطلت ؛ لحديث النبي صلى الله عليه وسلم ( مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِى كِتَابِ اللَّهِ فَهْوَ بَاطِلٌ ) رواه البخاري ( 2047 ) ومسلم ( 3852 ) .
فإن كان الأمر كذلك وكانت الشروط مباحة لا تخالف الشرع : وجب الوفاء بالشرط من الطرفين ، قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) المائدة/ 1 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله - : " هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين بما يقتضيه الإيمان بالوفاء بالعقود ، أي : بإكمالها ، وإتمامها ، وعدم نقضها ونقصها ، وهذا شامل للعقود التي بين العبد وبين ربه من التزام عبوديته والقيام بها أتم قيام وعدم الانتقاص من حقوقها شيئاً ، والتي بينه وبين الرسول بطاعته واتباعه ، والتي بينه وبين الوالدين والأقارب ببرهم وصلتهم وعدم قطيعتهم ، والتي بينه وبين أصحابه من القيام بحقوق الصحبة في الغنى والفقر واليسر والعسر ، والتي بينه وبين الخلق من عقود المعاملات كالبيع والإجارة ، ونحوهما ، وعقود التبرعات كالهبة ونحوها ، بل والقيام بحقوق المسلمين التي عقدها الله بينهم في قوله ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) بالتناصر على الحق والتعاون عليه والتآلف بين المسلمين وعدم التقاطع .
فهذا الأمر شامل لأصول الدين وفروعه ، فكلها داخلة في العقود التي أمر الله بالقيام بها " . انتهى من " تفسير السعدي " ( ص 218 ) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ ) .
رواه البخاري ( 2721 ) ومسلم ( 1418 ) .
فالشرط الذي صار الفرج به حلالاً وتعود منفعته إلى أحد الطرفين : فيجب الوفاء به ، بل هو أولى الشروط وفاء .
قال ابن قدامة – رحمه الله - : " وجملة ذلك : أن الشروط في النكاح تنقسم أقساما ثلاثة : أحدها : ما يلزم الوفاء به وهو ما يعود إليها نفعه وفائدته مثل أن يشترط لها أن لا يخرجها من دارها ، أو بلدها ، أو لا يسافر بها ، ولا يتزوج عليها ولا يتسرى عليها : فهذا يلزمه الوفاء لها به ، فإن لم يفعل : فلها فسخ النكاح " انتهى من " المغني " ( 7 / 448 ) .
وانظري جواب السؤال رقم ( 108806 ) .
والشروط التي اشترطتِ بها على زوجك يجب أن يوفي بها على الراجح ، ولا نرى حرجاً في اشتراطها عليه ، والشرط الأول – وهو أن يتزوج بعدك ثلاثاً – من أعجب ما مرَّ علينا من شروط بل لم نجد له مثالاً سابقاً حسب بحثنا واطلاعنا ، وبكل حال فيلزمه التزوج إن هو وافق على الشرط أو تتفقان على إلغائه أو تخفيفه ، ولكِ التنازل عنه بعد العقد ، ومع الإصرار عليه من قبَلك فنرى أن يتم تحديد زمان يلتزم به لتحقيق هذا الشرط .
فإن سمعت منا نصيحة يا أمة الله ؛ فإياك إياك أن تشترطي عليه ذلك ، بل تزوجي كما تتزوج النساء ، ولا مانع أن تذكري له أنك تقبلين بزوجة أخرى ، أو تختارين من ينتظر منه ذلك ؛ أما أن تشترطي ذلك فلا ننصحك به ، ولا ندلك عليه ، ولا تتحجري واسعا ، ولا تلزمي نفسك بأمر لا أحد يدري ما الله صانع فيه .
بل نصيحتنا لك أيضا ألا تشترطي عليه أمر الصيام ، ولا نعلم أحدا من الصالحين من قبلنا فعل ذلك ، بل ولا أن تشترطي ذلك لربك عليك ؛ فقد اشترط ذلك من قبل عبد الله بن عمرو بن العاص ، وهو من هو ، وألزم نفسه بأن يصوم يوما ويفطر يوما ؛ ثم انتهى أمره في الكبر إلى أن وجد مشقة بالغة في ذلك ، وود لو أنه قبل رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يلتزم بذلك .
وأما بخصوص عمل المرأة فإن الشرع لم يمنع منه طالما أنها تلتزم بالضوابط الشرعية فيه ، وقد ذكرنا هذه الضوابط في جوابي السؤالين : ( 22397 ) و ( 106815 ) فانظريهما .
والله أعلم
تعليق