الجمعة 7 جمادى الأولى 1446 - 8 نوفمبر 2024
العربية

كان شيعيا ، وتزوج امرأة على خالتها ؟!

199415

تاريخ النشر : 04-06-2013

المشاهدات : 13995

السؤال


رجل عندما كان شيعيا تزوج بنت بكر وهي أيضاً كانت شيعية على خالتها ثم أصبحا من أهل السنة والجماعة ، ومازالت الزوجتان على ذمته : الزوجة وخالتها ، ولم يفسخ بينهما .

هل أولادهما حلال ، أم أولاد زنا ؟

وهل يجوز الزواج من بناته من زوجته الثانية التي تزوجها على خالتها ؟

وهل زواجهم مازال حراما ، ويجب التفريق بينهما ، أي الفسخ ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
لا يجوز الجمع بين المرأة وعمتها ، ولا بين المرأة وخالتها ، وهذا بإجماع المسلمين ، ولم يشذ عن ذلك إلا بعض أهل البدع ، كالرافضة ، ولا عبرة بشذوذهم ، ولا بسائر بدعهم .
انظر جواب السؤال رقم : (147367) .
ثانيا :
يجب التفريق بين هذا الزوج وزوجته التي تزوجها على خالتها فورا ؛ لأن نكاحها على خالتها نكاح باطل .
قال ابن أبي شيبة في " المصنف" (3/ 526):
حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، " أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى خَالَتِهَا ، فَضَرَبَهُ عُمَرُ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا " .
وهذا إسناد جيد .
وقال الإمام أحمد رحمه الله :
" نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أن تنْكح الْمَرْأَة على خَالَتهَا وعَلى عَمَّتهَا . فَلم يعلم النَّاس اخْتلفُوا فِي أنه إذا تزوج الْمَرْأَة على عَمَّتهَا أوْ على خَالَتهَا : أن يفرق بَينهمَا " انتهى من "مسائل الإمام أحمد" - رواية ابنه عبد الله (ص 333) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَةِ أَبِيهَا وَخَالَةِ أُمِّهَا أَوْ عَمَّةِ أَبِيهَا أَوْ عَمَّةِ أُمِّهَا: كَالْجَمْعِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا عِنْدَ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ ؛ وَذَلِكَ حَرَامٌ بِاتِّفَاقِهِمْ .
وَإِذَا تَزَوَّجَ إحْدَاهُمَا بَعْدَ الْأُخْرَى كَانَ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ بَاطِلًا لَا يَحْتَاجُ إلَى طَلَاقٍ ، وَلَا يَجِبُ بِعَقْدِهِ مَهْرٌ وَلَا مِيرَاثٌ ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ الدُّخُولُ بِهَا ، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَارَقَهَا كَمَا تُفَارَقُ الْأَجْنَبِيَّةُ .
فَإِنْ أَرَادَ نِكَاحَ الثَّانِيَةَ : فَارَقَ الْأُولَى ، فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا : تَزَوَّجَ الثَّانِيَةَ " .
انتهى من" مجموع الفتاوى " (32/ 76) .
ثالثا :
مع القول ببطلان نكاح الثانية إلا أن أولاده منهما جميعا أولاد شرعيون ؛ لأنه نكح كلا منهما نكاحا يعتقد صحته ، بناء على مذهبه الذي كان يتدين به أولا .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" الْمُسْلِمونَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ كُلَّ نِكَاحٍ اعْتَقَدَ الزَّوْجُ أَنَّهُ نِكَاحٌ سَائِغٌ ، إذَا وَطِئَ فِيهِ : فَإِنَّهُ يَلْحَقُهُ فِيهِ وَلَدُهُ ، وَيَتَوَارَثَانِ ، بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ النِّكَاحُ بَاطِلًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ .
وَكَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الْجَاهِلُ : لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فِي عِدَّتِهَا ، كَمَا يَفْعَلُ جُهَّالُ الْأَعْرَابِ ، وَوَطِئَهَا يَعْتَقِدُهَا زَوْجَةً : كَانَ وَلَدُهُ مِنْهَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ ، وَيَرِثُهُ ، بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ. وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ.
فَإِنَّ " ثُبُوتَ النَّسَبِ " لَا يَفْتَقِرُ إلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ بَلْ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ) .
فَمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا ، وَوَطِئَهَا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ بِهِ الطَّلَاقُ : إمَّا لِجَهْلِهِ ، وَإِمَّا لِفَتْوَى مُفْتٍ مُخْطِئٍ قَلَّدَهُ الزَّوْجُ ، وَإِمَّا لِغَيْرِ ذَلِكَ : فَإِنَّهُ يَلْحَقُهُ النَّسَبُ ، وَيَتَوَارَثَانِ ، بِالِاتِّفَاقِ؛ بَلْ وَلَا تُحْسَبُ الْعِدَّةُ إلَّا مِنْ حِينِ تَرَكَ وَطْأَهَا؛ فَإِنَّهُ كَانَ يَطَؤُهَا يَعْتَقِدُ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ ، فَهِيَ فِرَاشٌ لَهُ فَلَا تَعْتَدُّ مِنْهُ حَتَّى تَتْرُكَ الْفِرَاشَ .
وَمَنْ نَكَحَ امْرَأَةً " نِكَاحًا فَاسِدًا " ، مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ ، أَوْ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ ، أَوْ مَلَكَهَا مِلْكًا فَاسِدًا ، مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ ، أَوْ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ : أَوْ وَطِئَهَا يَعْتَقِدُهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ ، أَوْ أَمَتَهُ الْمَمْلُوكَةَ : فَإِنَّ وَلَدَهُ مِنْهَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ ، وَيَتَوَارَثَانِ ، بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ " انتهى ، ملخصا ، من "مجموع الفتاوى" (34/ 13) .
رابعا :
وأما الزواج من بناته من زوجته الثانية : فلا حرج فيه ، ولا كراهة أصلا ، وهن بناته ، كما سبق ، ينسبن إليه ، ويرثنه ، ويتولى هو عقدة نكاحهن ، كما يتولى الأب نكاح ابنته ، من غير إشكال في ذلك .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب