الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

حكم لبس الثياب المخلوطة بالحرير

217064

تاريخ النشر : 22-06-2014

المشاهدات : 28231

السؤال

هل هناك حديث صحيح يحلل لبس الثياب المشروكة بحرير ، الثياب التي تباع في جميع محلات الخياطة ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

يحرم على الرجل استعمال الحرير الطبيعي في اللبس والجلوس عليه والاستناد إليه والتغطي به واتخاذه سترا وسائر وجوه الاستعمال ، وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (158299) .

ثانيا :
يرخص أن يكون في اللباس ما لا يزيد عن أربعة أصابع من الحرير ، كتطريز ونحوه .

روى البخاري (5828) ، ومسلم (2069) عن أبي عثمان النهدي قال : أتانا كتاب عمر ، ونحن مع عتبة بن فرقد بأذربيجان : ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الحَرِيرِ إِلَّا هَكَذَا ، وَأَشَارَ بِإِصْبَعَيْهِ اللَّتَيْنِ تَلِيَانِ الإِبْهَامَ ) قَالَ : فِيمَا عَلِمْنَا أَنَّهُ يَعْنِي الأَعْلاَمَ .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" الْأَعْلَامُ : هُوَ مَا يَكُونُ فِي الثِّيَابِ مِنْ تَطْرِيفٍ وَتَطْرِيزٍ وَنَحْوِهِمَا " انتهى من " فتح الباري " .

وروى مسلم (2069) عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، خَطَبَ بِالْجَابِيَة ِ، فَقَالَ : ( نَهَى نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ إِلَّا مَوْضِعَ إِصْبَعَيْن ِ، أَوْ ثَلَاثٍ ، أَوْ أَرْبَعٍ ) .
قال النووي رحمه الله :

" وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَة إِبَاحَة الْعَلَم مِنْ الْحَرِير فِي الثَّوْب إِذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى أَرْبَع أَصَابِع ، وَهَذَا مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْجُمْهُور " انتهى من " شرح النووي على مسلم " (14/48) .

وقال العيني رحمه الله في " عمدة القاري " (22/ 10) :

" قَالَ شَيخنَا : فِي حَدِيث عمر رَضِي الله عَنهُ ، حجَّة لما قَالَه أَصْحَابنَا من أَنه لَا يرخص فِي التطريز وَالْعلم فِي الثَّوْب إِذا زَاد على أَرْبَعَة أَصَابِع ، وَأَنه تجوز الْأَرْبَعَة فَمَا دونهَا ، وَمِمَّنْ ذكره من أَصْحَابنَا الْبَغَوِيّ فِي "التَّهْذِيب" ، وَتَبعهُ الرَّافِعِيّ وَالنَّوَوِيّ " انتهى .

ثالثا :

أما أن ينسج الحرير مع غيره ويخلط به ، فيصير الثوب خليطا من الحرير وغيره : فهذا لا يجوز ، سواء كان الحرير أقل أو أكثر ؛ فقد روى البخاري (5650) عن البراء بن عازب رضي الله عنهما ، قال : ( نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ ، وَلُبْسِ الحَرِيرِ ، وَالدِّيبَاجِ ، وَالإِسْتَبْرَقِ ، وَعَنِ القَسِّيِّ ، وَالمِيثَرَةِ ) .

قال الحافظ رحمه الله :

" وَاسْتُدِلَّ بِالنَّهْيِ عَنْ لُبْسِ الْقَسِّيِّ عَلَى مَنْعِ لُبْسِ مَا خَالَطَهُ الْحَرِيرُ مِنَ الثِّيَابِ ، لِتَفْسِيرِ الْقَسِّيِّ بِأَنَّهُ مَا خَالَطَ غَيْرُ الْحَرِيرِ فِيهِ الْحَرِيرَ " انتهى من " فتح الباري " (10/294) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وَحَدِيثُ السِّيَرَاءِ وَالْقَسِّيّ : يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى تَحْرِيمِ مَا ظَهَرَ فِيهِ خُيُوطُ حَرِيرٍ أَوْ سُيُورٌ لَا بُدَّ أَنْ يُنْسَجَ مَعَ غَيْرِهَا مِنْ الْكَتَّانِ أَوْ الْقُطْنِ ؛ لِأَنَّ مَا فِيهِ الْحَرِيرُ، فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَهَا لِظُهُورِ الْحَرِيرِ فِيهَا ، وَلَمْ يَسْأَلْ هَلْ وَزْنُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِنْ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ أَكْثَرُ أَمْ لَا ، مَعَ أَنَّ الْعَادَةَ أَنَّهُ أَقَلُّ " انتهى من " الفتاوى الكبرى " (5/351) .

وقال علماء اللجنة الدائمة :
" لا يجوز لبس الثوب من الحرير خالصًا أو مخلوطًا ، إلا إذا كان الخلط من الحرير طرازًا أو نحوه ، لا يزيد مجموعه على أربعة أصابع ، فتجوز " انتهى .

رابعا :

الكلام السابق : إنما هو في الحرير الطبيعي .

وأما الحرير الصناعي فلا يدخل في التحريم ، وهذا هو الذي يوجد عادة في عامة محلات الخياطة . فإذا لم يتبين لك هل هو طبيعي أو صناعي : فاسأل صاحب المحل ، أو أرباب الخبرة ، وليس من المعتاد ، بل ولا من المعقول : أن يخبرك أنه حرير صناعي ، في حين أنه طبيعي ؛ لأن النفس في الطبيعي أرغب ، وأثمانه أعلى بأضعاف مضاعفة ، بل العكس هو الوارد : أن يغش البائع من لا خبرة له من المشترين ، ويوهمهم أنه حرير طبيعي ، في حين أنه حرير صناعي ؛ فمتى أخبرك البائع أن هذا حرير صناعي ، فالأصل قبول خبره في ذلك ، واعتماد كلامه في حل بيعه وشرائه ، إلا أن يتبين أن الأمر على خلاف ذلك .

وينظر للفائدة : إجابة السؤال رقم : (30812 ) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب